للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلهُ أجْرانِ؛ أجْرٌ [على اجْتهادِه] (٢٦)، وأجْرٌ لإِصَابَتِه، أو مُخْطِئًا فله أجْرٌ على اجْتِهادِه، ولا إثْمَ عليه في الخَطَإِ، لأنَّه مَحْطُوطٌ عنه. فإن عَلِمَ أنَّه يَتْرُكُ رُكْنًا أو شَرْطًا يَعْتَقِدُهُ المَأْمُومُ دُونَ الإمامِ، فظاهِرُ كلامِ أحْمدَ صِحَّةُ الائْتِمامِ به. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ يُسألُ عن رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ، وعليه جُلُودُ الثَّعَالِبِ، فقال: إنْ كان يَلْبَسُه وهو يَتَأَوَّلُ: "أَيُّما إهَابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ" (٢٧). يُصَلِّى خَلْفَهُ. قِيلَ له، أفَتَرَاهُ أنتَ جَائِزًا؟ قال: لا، نحنُ لا نَراهُ جَائِزًا، ولكنْ إذا كان هو يَتَأَوَّلُ فلا بَأْسَ أنْ يُصَلِّىَ خَلْفَهُ. ثم قال أبو عبدِ اللهِ: لو أنَّ رَجُلًا لم يَرَ الوُضُوءَ من الدَّم لم يُصَلِّ خَلْفَه؟ ثم قال: نحنُ نَرَى الوُضُوءَ من الدَّمِ، فلا نُصَلِّى خَلْفَ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، ومالِكٍ، ومَن سَهَّل في الدَّمِ؟ أي: بَلَى. ورأيْتُ لِبعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ مَسْأَلَةً مُفْرَدَةً في الرَّدِّ عَلَى من أنْكَرَ هذا، واسْتَدَلَّ بأنَّ الصَّحابةَ كان يُصَلِّى بَعْضُهم خَلْفَ بَعْضٍ مع الاخْتِلافِ. ولأنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، أو كالمُصِيبِ في حَطِّ المَأْثَمِ عنه، وحُصُولِ الثَّوابِ، وصِحَّةِ الصلاةِ لِنَفْسِه، فجازَ (٢٨) الائْتِمامُ به، كما لو لم يَتْرُكْ شَيئا. وذَكَرَ القاضي فيه رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَصِحُّ ائْتِمامُه به؛ لأنَّه يَرْتَكِبُ ما يَعْتَقِدُه المَأْمُومُ مُفْسِدًا لِلصلاةِ، فلم يَصِحَّ ائْتِمامُه به، كما لو خَالَفه في القِبْلَةِ حالَ الاجْتِهَادِ فيها.

فصل: وإن فَعَلَ شيئا من المُخْتَلَفِ فيه، يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، فإنْ كان يَتْرُكُ ما يَعْتَقِدُه شَرْطًا لِلصلاةِ، أو وَاجِبًا فيها، فصلاتُه فاسِدَةٌ، وصلاةُ مَن يَأْتَمُّ به، وإنْ كان المَأْمُومُ يُخَالِفُه في اعْتِقَادِ ذلك؛ لأنَّه تَرَكَ وَاجِبًا في الصلاةِ، فَفَسَدَتْ صلاتُه وصَلاةُ مَن ائْتَمَّ به، كالمُجْمَعِ عليه. وإن كان يَفْعَلُ ما يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ في غيرِ


(٢٦) في م: "لاجتهاده".
(٢٧) تقدم تخريجه في ١/ ٨٩.
(٢٨) في أ، م: "فجائز".

<<  <  ج: ص:  >  >>