للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى عُبَيْدٍ، أنَّه قال: أهْلُ الطِّبِّ يقولون: الداءُ لا يَسْتَجِنُّ (٣) فى البَدَنِ أكثرَ من سَنَةٍ، ثم يَظْهَرُ. وابتداءُ السَّنةِ منذُ تَرَافُعِه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: على هذا جماعةُ القائلينَ بتَأْجِيلِه. قال مَعْمَرٌ، فى حديثِ عمرَ: "يُؤَجَّلُ سنةً" (٤): من يومِ مُرَافَعَتِه، فإذا انقضتِ المُدَّةُ فلم يَطَأْ، فلها الخِيارُ، فإن اخْتارتِ الفَسْخَ، لم يَجُزْ إلَّا بحُكْمِ الحاكم (٥)؛ لأنَّه مُخْتَلَفٌ فيه، فإمَّا أن يَفْسَخَ، [وإمَّا أن يَرُدَّه] (٦) إليها فتَفْسَخَ هى. فى قولِ عامَّةِ القائلينَ به. ولا يَفْسَخُ حتى تختارَ الفَسْخَ وتَطْلُبَه؛ لأنَّه لحَقِّها، فلا تُجْبَرُ على اسْتِيفائِه، كالفَسْخِ للإِعْسارِ (٧)، فإذا فَسَخَ (٨) فهو فَسْخٌ وليس بطَلاقٍ. وهذا قولُ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ: يُفَرِّقُ الحاكمُ بينهما، وتكونُ تَطْلِيقةً؛ لأَنَّهَا فُرقَةٌ لعَدَمِ الوَطْءِ، فكانت طَلاقًا، كفُرْقَةِ المُولِى. ولَنا، أَنَّ هذا خِيارٌ ثَبَتَ لأجْلِ العَيْبِ، فكان فَسْخًا، كفَسْخِ المُشْتَرِى لأجْلِ العَيْبِ.

فصل: فإن اتَّفَقَا بعدَ الفُرْقةِ (٩) على الرَّجْعةِ، لم يَجُزْ إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ؛ لأنَّها قد بانَتْ (١٠)، وانفَسَخَ النِّكاحُ. فإذا تَزَوّجَها كانت عنده على طَلاق ثَلاثٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وذَكَرَ أبو بكرٍ فيها قولًا ثانيًا، أنَّهما لا يَجْتَمِعان أبدًا؛ لأنَّها فُرْقةٌ تتَعلّقُ بحُكْمِ الحاكمِ، فَحَرَّمَتْ النِّكاحَ (١١)، كفُرْقةِ اللِّعانِ. والمَذْهَبُ أنَّها تَحِلُّ له؛ لأنَّها فُرْقةٌ لأجْلِ العَيْبِ، فلم تَمْنَعِ النِّكاحَ، كفُرْقةِ المُعْتَقَةِ، والفُرْقةِ فى (١٢) سائرِ العُيُوبِ.


(٣) فى ب: "يستحق". وفى م: "يستمر".
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٨٢.
(٥) فى الأصل: "حاكم".
(٦) فى الأصل: "أو يرده".
(٧) فى م: "بالإعسار".
(٨) فى الأصل: "انفسخ".
(٩) فى ب: "الفسخ".
(١٠) فى أ، م: "بانت عنه".
(١١) فى م: "للنكاح".
(١٢) فى م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>