للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَرْجِعُ المُشْتَرِى الثانى بالثَّمَنِ على الذى باعَه، ويَرْجِعُ الأوَّلُ على بائِعِه، فإن تَلِفَ فى يَدِ الثانى، فَلِلْبائِعِ مُطالَبَةُ مَن شاءَ منهما؛ لأنَّ الأوَّلَ ضامِنٌ، والثَّانِىَ قَبَضَهُ من يَدِ ضامِنِه بغير إذْنِ صاحِبِه، فكان ضامِنًا. فإن كانت قِيمَتُه أكْثَرَ من ثَمَنِه، فَضَمِنَ الثانى، لم يَرْجِعْ بالفَضْلِ على الأوَّلِ، لأنَّ التَّلَفَ فى يَدِه، فَاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. فإن ضَمِنَ الأوَّلُ، رَجَعَ بالفَضْلِ على الثانى.

فصل: وإن زادَ المَبِيعُ فى يَدِ المُشْتَرِى، بِسِمَنٍ، أو نحوِه، ثمَّ نَقَصَ حتَّى عادَ إلى ما كان عليه، أو وَلَدَتِ الأَمَةُ فى يَدِ المُشْتَرِى، ثمَّ ماتَ وَلَدُها، احْتَمَل أن يَضْمَنَ تلك الزِّيادَةَ؛ لأنَّها زِيادَةٌ فى عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، أشْبَهَتِ الزِّيادَةَ فى المَغْصُوبِ، واحتَمَل أن لا يَضْمَنَها؛ لأنَّه دَخَلَ على أن لا يكونَ فى مُقابَلَةِ الزِّيادَةِ عِوَضٌ، فَعَلى هذا تكونُ الزِّيادَةُ أمانَةً في يَدِه، فإن تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِه، أو عُدْوانِه، ضَمِنَها، وإلَّا فلا. وإن تَلِفَتِ العَيْنُ بعد زِيادَتِها أسْقَطَ تلك الزِّيادَةَ من القِيمَةِ، وضَمِنَها بما بَقِىَ من القِيمَةِ، حينَ التَّلَفِ. قال القاضِى: وهذا ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ.

فصل: إذا باعَ بَيْعًا فاسِدًا، وتَقابَضا، ثمَّ أَتْلَفَ البائِعُ الثَّمَنَ، ثمَّ أفْلَسَ، فله الرُّجُوعُ فى المَبِيعِ، ولِلْمُشْتَرِى أُسْوَةُ الغُرَماءِ. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: المُشْتَرِى أحَقُّ بالمَبِيعِ من سائِرِ الغُرَماءِ، لأنَّه فى يَدِه، فكان أحَقَّ به كالمُرْتَهِنِ. ولَنا، أَنَّه لم يَقْبِضْه وَثِيقَةً، فلم يكن أحَقَّ به، كما لو كان وَدِيعَةً عندَه، بِخِلافِ المُرْتَهِنِ، فإنَّه قَبَضَه على أنَّه وَثِيقَةً بِحَقِّهِ.

فصل: إذا قال: بِعْ عَبْدَك من فُلانٍ، على أنَّ عَلَيَّ خَمْسَمائةٍ. فباعَه بهذا الشَّرْطِ، فالبَيْعُ فاسِدٌ، لأنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ أن يكون جَمِيعُه على المُشْتَرِى. فإذا شَرَطَ كونَ بَعْضِه على غيرِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ المَنْعَ، والثَّمَنُ على غيرِه، ولا يُشْبِه هذا ما لو قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ، أو طَلِّقْ امْرَأَتَكَ، وعَلَيَّ خَمْسُمائَةٍ. لكون هذا عِوَضًا فى مُقابَلَةِ فَكِّ الزَّوْجِيَّةِ، ورَقَبَةِ العَبْدِ، ولذلك لم يَجُزْ فى النِّكاحِ. أمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>