للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعَ إلى الأُخْرَى، لَزِمَاهُ. وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَمانِ، بل دِرْهَمٌ. أو عَشرَةٌ، بل تِسْعَةٌ. لَزِمَهُ الأَكْثَرُ؛ لأنَّه أَضْرَبَ عن واحدٍ، ونَفَاهُ بعد إِقْرَارِه به، فلم يُقْبَلْ نَفْيُه له بِخِلَافِ الاسْتِثْنَاءِ، فإنَّه لا يَنْفِى شيئا أقَرَّ به، وإنَّما هو عِبَارَةٌ عن الباقِى بعدَ الاسْتِثْناءِ، فإذا قال: عَشرَةٌ إلَّا دِرْهَمًا. كان مَعْنَاهُ تِسْعَةً.

فصل: وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ، أو بَعْدَهُ دِرْهَمٌ. لَزِمَهُ دِرْهَمانِ. وإن قال: قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وبَعْدَهُ دِرْهَمٌ. لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ؛ لأنَّ "قَبْلَ" و"بَعْدَ" تُسْتَعْمَلُ لِلتَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ في الوُجُوبِ. وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ، أو تَحْتَ [دِرْهمٍ، أو معه] (٢٠) دِرْهَمٌ، أو مع دِرْهَمٍ. فقال القاضي: يَلْزَمُه دِرْهَمٌ. وهو أحَدُ (٢١) قَوْلَى الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ فَوْقَ دِرْهَمٍ في (٢٢) الجَوْدَةِ، أو فَوْقَ دِرْهَمٍ لي، وكذلك تَحْتَ دِرْهَمٍ. وقولُه: معه دِرْهَمٌ. يَحْتَمِلُ معه دِرْهَمٌ لِى كذلك مع دِرْهَمٍ، فلم يَجِب الزَّائِدُ بالاحْتِمَالِ. وقال أبو الخَطّابِ: يَلْزَمُه دِرْهَمانِ. وهو القولُ الثانِى لِلشّافِعِىِّ؛ لأنَّ هذا اللَّفْظَ يَجْرِى مَجْرَى العَطْفِ، لِكَوْنِه يَقْتَضِى ضَمَّ دِرْهَمٍ آخَرَ إليه، وقد ذكَر ذلك في سِيَاقِ الإِقْرَارِ، فالظّاهِرُ أنَّه إِقْرَارٌ، ولأنَّ قَوْلَه: "عَلَىَّ" يَقْتَضِى في ذِمَّتِى، وليس لِلْمُقِرِّ في ذِمَّةِ نَفْسِه دِرْهَمٌ مع دِرْهَمِ المُقَرِّ له، ولا فَوْقَه، ولا تَحْتَه، فإنَّه لا يَثْبُتُ للإِنْسَانِ في ذِمَّةِ نَفْسِه شيءٌ. وقال أبو حنيفةَ وأصْحَابُه: إن قال: فَوْقَ دِرْهَمٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمانِ؛ لأنَّ "فوق" تَقْتَضِى في الظّاهِرِ الزِّيَادَةَ. وإن قال: تَحْتَ دِرْهَمٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ واحِدٌ؛ لأنَّ "تحت" تَقْتَضِى النَّقْصَ. ولَنا، إن حُمِلَ كَلَامُه على مَعْنَى العَطْفِ، فلا فَرْقَ بينهما. وإن حُمِلَ على الصِّفَةِ لِلدِّرْهَمِ (٢٣) المُقَرِّ به، وَجَبَ أن يكونَ المُقَرُّ به دِرْهَمًا واحِدًا، سواءٌ ذَكَرَه بما يَقْتَضِى زِيَادَةَ الجَوْدَةِ أو نَقْصَها. وإن قال:


(٢٠) سقط من: م.
(٢١) سقط من: ب، م.
(٢٢) سقط من: الأصل، م.
(٢٣) في ب: "بالدراهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>