للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاطِئ الأَرْبَدِ، وعلى بابِ حِمْصَ، وعلى بَابِ الرَّسْتَن، ماضِيَةً لِأهْلِها، لا خَرَاجَ عليها، تُؤَدِّى العُشْرَ.

فصل: وهذا الذى ذَكَرْنَاهُ في الأرْضِ المُغِلَّةِ، أمَّا المَسَاكِنُ فلا بَأْسَ بِحِيَازَتِها وبَيْعِها وشِرَائِها وسُكْنَاها. قال أبو عُبَيْدٍ (٧٧): ما عَلِمْنَا أحَدًا كَرِهَ ذلك، وقد اقْتُسِمَتِ الكُوفَةُ خِططًا في زَمنِ عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه بإِذْنِهِ، والبَصْرَةُ، وسَكَنَهما أصْحابُ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ-، وكذلك الشَّامُ ومِصْرُ وغيرُهما من البُلْدَانِ، فما عَابَ ذلك أحَدٌ ولا أنْكَرَهُ.

٤٤٣ - مسألة؛ قال: (فَمَا كَانَ مِنَ الصُّلْحِ، فَفِيهِ الصَّدقَةُ)

يَعْنِى ما صُولِحُوا عليه، على أنَّ مِلْكَهُ لِأهْلِه، ولنا عليهم خَرَاجٌ مَعْلُومٌ، فهذا الخَراجُ في حُكْمِ الجِزْيَةِ، متى أسْلَمُوا سَقَطَ عنهم. وإن انْتَقَلَتْ إلى مُسْلِمٍ لم يكنْ عليهم خَراجٌ. وفى مِثْلِه جاءَ عن العَلَاءِ بنِ الحَضْرَمِيِّ، قال: بَعَثَنِى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- إلى البَحْرَيْنِ وإلى هَجَرَ، فَكُنْتُ آتِى الحائِطَ تكونُ بين الإِخْوَة، يُسْلِمُ أحَدُهم، فآخُذُ من المُسْلِمِ العُشْرَ، ومن المُشْرِكِ الخَرَاجَ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (١). فهذا في أحَدِ هذَيْنِ البَلَدَيْنِ؛ لأنَّهما فُتِحَا صُلْحًا، وكذلك كلُّ أرْضٍ أسْلَمَ أهْلُها عليها، كأرْضِ المَدِينَةِ، فهى مِلْكٌ لهم، ليس عليها خَرَاجٌ ولا شىءٌ. أمَّا الزكاةُ فهى وَاجِبَةٌ على كلِّ مُسْلِمٍ، ولا خِلافَ في وُجُوبِ العُشْرِ في الخارِجِ من هذه الأرْضِ. قال ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ كُلَّ أرْضٍ أسْلَمَ أهْلُها عليها قبلَ قَهْرِهِمْ عليها، أنَّها لهم، وأنَّ أحْكَامَهم أحْكامُ المُسْلِمِينَ، وأنَّ عليهم فيما زَرَعُوا فيها الزكاةَ.


(٧٧) في: الأموال ٨٥. وتصرف ابن قدامة في عبارة أبي عبيد.
(١) في: باب العشر والخراج، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٨٦. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>