للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أُسِرَ المالِكُ لم تَسْقُطْ عنه الزكاةُ، سَوَاءٌ حِيلَ بينه وبين مَالِه، أو لم يُحَلْ؛ لأنَّ تَصَرُّفَه في مَالِه نَافِذٌ، يَصِحُّ بَيْعُه، وهِبَتُه، وتَوْكِيلُه فيه.

فصل: وإن ارْتَدَّ قبلَ مُضِيِّ الحَوْلِ، وحالَ الحَوْلُ وهو مُرْتَدٌّ، فلا زكاةَ عليه. نَصَّ عليه. لأنَّ الإسلامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزكاةِ، فعَدَمُه في بعضِ الحَوْلِ يُسْقِطُ الزكاةَ، كالمِلْكِ والنِّصابِ. وإن رَجَعَ إلى الإسلامِ قبلَ مُضِيِّ الحَوْلِ، اسْتَأْنَفَ حَوْلًا؛ لما ذَكَرْنَا. قال أحمدُ: إذا أسْلَمَ المُرْتَدُّ، وقد حالَ على مالِهِ الحَوْلُ، فإنَّ المالَ له، ولا يُزَكِّيه حتى يَسْتَأْنِفَ به الحَوْلَ؛ لأنَّه كان ممْنُوعًا منه، فأمَّا إن ارْتَدَّ بعد الحَوْلِ، لم تَسْقُط الزكاةُ عنه. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، وقال أبو حنيفةَ: تَسْقُطُ؛ لأنَّ من شَرْطِها النِّيَّةَ، فسَقَطَتْ بالرِّدَّةِ، كالصلاةِ. ولَنا، أنَّه حَقُّ مالٍ، فلا يَسْقُطُ بالرِّدَّةِ كالدَّيْنِ، وأمَّا الصلاةُ فلا تَسْقُطُ أيضا، لكن لا يُطَالَبُ بِفِعْلِها، لأنَّها لا تَصِحُّ منه، ولا تَدْخُلُها النِّيَابَةُ، فإذا عَادَ وَجَبَتْ عليه، والزكاةُ تَدْخُلُها النِّيَابَةُ، [ولا تَسْقُطُ بالرِّدَّةِ كالدَّيْنِ] (٦)، ويَأْخُذُها الإمامُ من المُمْتَنِعِ، وكذا هاهُنا يَأْخُذُها الإمامُ من مَالِه، كما يَأْخُذُها من المُسْلِمِ المُمْتَنِعِ. فإن أَسْلَمَ بعد أخْذِها، لم يَلْزَمْهُ أداؤُها (٧)؛ لأنَّها سَقَطَتْ عنه بأخْذِها، كما تَسْقُطُ بأَخْذِها من المُسْلِمِ المُمْتَنِعِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَسْقُطَ؛ لأنَّ الزكاةَ عِبَادَةٌ، فلا تَحْصُلُ مِن غيرِ نِيَّةٍ. وأصْلُ هذا ما لو أخَذَها الإمامُ من المُسْلِمِ المُمْتَنِعِ، وقد ذُكِرَ في غيرِ هذا. وإن أخَذَها غيرُ الإمَامِ، أو نَائِبُه، لم تَسْقُطْ عنه؛ لأنَّه لا وِلَايَةَ له عليه، فلا يَقُومُ مقَامَهُ بخِلافِ نَائِبِ الإمامِ. وإن أدَّاهَا في حالِ رِدَّتِه، لم تُجْزِهِ؛ لأنَّه كافِرٌ، فلا تَصِحُّ منه كالصلاةِ.


(٦) سقط من: ب.
(٧) في م: "أداؤه".

<<  <  ج: ص:  >  >>