للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا، ثم ارتدَّ ومات المجروحُ، لم يُقْتَلْ به؛ لأنَّ التَّكافُؤَ مُشْتَرَطٌ حالَ وُجُودِ الجِنايةِ، ولم يُوجَدْ. وإن قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُه ذِمِّيًّا أو عَبْدًا، وكان قد أسْلَمَ وعَتَقَ، وَجَبَ القِصاصُ؛ لأنَّه قتَلَ مَنْ يكافِئُه عَمدًا عُدْوانًا، فلَزِمه القِصاصُ، كما لو عَلِمَ حالَه، وفارَقَ من عَلِمَه حرْبِيًّا؛ لأنَّه لم يَعْمِدْ إلى قَتْلِ مَعْصُومٍ.

١٤٢٢ - مسألة؛ قال: (وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ)

ورُوِيَ هذا عن أبي بكرٍ، وعمرَ، وعليٍّ، وزيدٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّه عنهم. وبه قال الحسنُ، وعَطاءٌ، وعمرُ بن عبد العزيزِ، وعِكْرمةُ، وعَمْرُو بن دِينارٍ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، [ورُوِى ذلك عن الشَّعْبِيِّ، ورُوِيَ] (١) عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، والنَّخَعِيِّ، وقَتادةَ، والثَّوْرِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ، أنَّه يُقْتَلُ به؛ لعُمُومِ الآياتِ والأخْبارِ، ولقَوْلِ (٢) النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافأُ دِماؤُهُمْ" (٣). ولأنَّه آدَمِيٌّ مَعْصومٌ، فأشْبَهَ الحُرَّ. ولَنا، ما رَوَى الإِمامُ أحمدُ (٤)، بإسْنادِه عن عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: من السُّنَّةِ أن لا يُقْتَلَ حُرٌّ بعَبْدٍ. [وعن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يُقْتلُ حُرٌّ بعَبْدٍ"] (٥). رواه الدَّارَقُطْنِيُّ (٦). ولأنَّه لا يُقْطَعُ طَرَفُه بطَرَفِه مع التَّساوِي في السَّلامةِ، فلا يُقْتَلُ به، كالأبِ مع ابْنِه، ولأنَّ العَبْدَ مَنْقُوصٌ بالرِّقِّ، فلم يُقْتَلْ به الحُرُّ، كالمُكاتَبِ إذا مَلَكَ ما يُؤَدِّى، والعُمُوماتُ مَخْصُوصاتٌ بهذا، فنَقِيسُ عليه.


(١) في ب، م: "ويروى".
(٢) سقطت الواو من: ب، م.
(٣) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٦٠.
(٤) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٦٧.
كما أخرج هذا الجزء من قول على أيضًا البيهقي، في: باب لا يقتل حر بعبد، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى ٨/ ٣٤.
(٥) سقط من: ب. نقل نظر.
(٦) في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>