للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يَأْتِ فيه سُنَّةٌ عنه، ولا عن أحَدٍ من خُلَفَائِه من وَجْهٍ يَصِحُّ، ولأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الوُجُوبِ فيه، ولا يَصِحُّ قِيَاسُه على مَعْدِنِ البَرِّ؛ لأن العَنْبَرَ إنَّما يُلْقِيهِ البَحْرُ، فيُوجَد مُلْقًى [فى الْبَرِّ] (٤٣) على الأرْضِ من غير تَعَبٍ، فأشْبَهَ المُبَاحاتِ المَأْخُوذَةَ من البَرِّ، [من المَنِّ] (٤٤) والزَّنْجَبِيلِ، وغَيْرِهما. وأمَّا السَّمَكُ فلا شَىْءَ فيه بِحَالٍ، فى قَوْلِ أهْلِ العِلْمِ كَافَّةً، إلَّا شىءٌ رُوِىَ (٤٥) عن عمرَ بن عبد العزيزِ. رَوَاهُ أبو عُبَيْدٍ (٤٦) عنه. وقال: ليس النَّاسُ على هذا، ولا نَعْلَمُ أحَدًا يَعْمَلُ به. وقد رُوِىَ ذلك عن أحمدَ أيضا. والصَّحِيحُ أنَّ هذا لا شىءَ فيه؛ لأنَّه صَيْدٌ، فلم يَجِبْ فيه زَكَاةٌ كصَيْدِ البَرِّ، ولأنَّه لا نَصَّ ولا إجْمَاعَ على الوُجُوبِ فيه، ولا يَصِحُّ قِيَاسُه على ما فيه الزكاةُ، فلا وَجْهَ لإِيجَابِها فيه.

فصل: والمَعادِنُ الجَامِدَةُ تُمْلَكُ بِمِلْكِ الأَرْضِ التى هى فيها؛ لأنَّها جُزْءٌ (٤٧) من أجْزَاءِ الأرْضِ، فهى كالتُّرابِ والأحْجارِ الثَّابِتَةِ، بخلافِ الرِّكَازِ، فإنَّه ليس من أجْزَاءِ الأرْضِ، وإنَّما هو مُودَعٌ فيها. وقد رَوَى أَبو عُبَيْدٍ (٤٨)، بإسْنَادِه عن عِكْرِمَةَ مَوْلَى بِلَالِ بن الحَارِثِ المُزَنِىِّ، قال: أقْطَعَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَالًا أَرْضَ كذا، من مَكَانِ كذا، إلى كذا، وما كان فيها من جَبَلٍ أو مَعْدِنٍ. قال: فباعَ بنو بِلَالٍ مِن عمرَ بن عبدِ العزِيزِ أَرْضًا، فخَرَجَ فيها مَعْدِنَانِ، فقالوا: إنَّما بِعْنَاكَ أرْضَ حَرْثٍ، ولم نَبِعْكَ المَعْدِنَ. وجَاءُوا بِكِتَابِ القَطِيعَةِ التى قَطَعَها رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبِيهم، فى جَرِيدَةٍ، قال: فَجَعَلَ عمرُ يَمْسَحُها على عَيْنَيْه (٤٩)، وقال لِقَيِّمِه: انْظُرْ


(٤٣) سقط من: الأصل، ب.
(٤٤) فى ب، م: "كالمن".
(٤٥) فى م: "يروى".
(٤٦) فى: الأموال ٣٤٧.
(٤٧) سقط من: الأصل، ب.
(٤٨) فى: الأموال ٣٣٨، ٣٣٩.
(٤٩) فى ب، م: "عينه".

<<  <  ج: ص:  >  >>