للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وأما صلاةُ الصُّبْحِ فالتَّغْلِيسُ بها أفضلُ، وبهذا قال مالكٌ، والشَّافِعِىُّ وإسحاق. ورُوِىَ عن أبِى بكر، وعمرَ، وابنِ مسعودٍ، وأبى موسى، وابْنِ الزُّبَيْرِ، وعمر بن عبد العزيزِ، ما يَدُلُّ على ذلك. قال ابْنُ عبد البَرِّ: صَحَّ عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أبي بكر وعمرَ وعثمانَ، أنهم كانوا يُغَلِّسُون (٨٣)، ومُحَالٌ أن يَتْرُكُوا الأفضلَ، ويأْتُوا الدُّونَ، وهم النِّهايةُ في إتْيَانِ الفَضَائِلِ. وَرُوِىَ عن أحمد، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ الاعْتِبَارَ بِحَالِ المَأْمُومِينَ، فإن أَسْفَرُوا فالأفضلُ الإِسْفَارُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُ ذلك في العِشَاءِ، كما ذَكَرَ جابرٌ، فكذلك في الفجرِ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ: الأفضلُ الإِسْفَارُ؛ لِما رَوَى رافِعُ بن خَدِيجٍ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "أَسْفِرُوا بالفَجْرِ، فإنَّه أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ" (٨٤). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ولَنا، ما تَقَدَّمَ من حديثِ جابرٍ وأبِى بَرْزَةَ، وقولُ عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى الصُّبْحَ، فَتَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ما يُعْرَفْنَ من الغَلَسِ. مُتَّفَقٌ عليه (٨٥). وعن أبي مسعودٍ الأنْصَارىّ، أن رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَلَّسَ


(٨٣) غلَّس في الصلاة: صلاها بغلس، وهو ظلام آخر الليل. والنقل عن ابن عبد البر في كتابه التمهيد ٤/ ٣٤٠.
(٨٤) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الإسفار بالفجر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٦٢. وأبو داود، في: باب في وقت الصبح، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٠٠. والنسائي، في: باب الإِسفار، من كتاب المواقيت. المجتبى ١/ ٢١٨. وابن ماجه، في: باب وقت صلاة الفجر، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٢١. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٦٥، ٤/ ١٤٠، ١٤٢، ١٤٣.
(٨٥) أخرجه البخاري، في: باب في كم تصلى المرأة في الثياب، من كتاب الصلاة، وفى: باب وقت الفجر، من كتاب المواقيت، وفى: باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، وباب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٠٤، ١٥١، ٢١٩، ٢٢٠. ومسلم، في: باب استحباب التبكير بالصبح، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٤٤٥، ٤٤٦. كما أخرجه أبو داود، في: باب في وقت الصبح، من كتاب الصلاة. والترمذي، في: باب ما جاء في التغليس، من أبواب المواقيت. عارضة الأحوذى ١/ ٢٦٠. والنسائي، في: باب التغليس في الحضر، من كتاب المواقيت، وفى: باب الوقت الذي ينصرف فيه النساء من الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى ١/ ٢١٧، ٣/ ٦٩. وابن ماجه، في: باب وقت صلاة الفجر، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٢. والدارمى، في: باب التغليس في الفجر، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٢٧٧. والإِمام مالك، في: باب وقوت الصلاة، من كتاب الصلاة. الموطأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>