للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَبْضِ، واليَدُ ليست شَرْطًا فى صِحَّةِ البَيْعِ، بِدَليلِ جَوازِ بَيْعِ المالِ المُودَعِ، والمَوْرُوثِ، والتَّصَرُّفِ فى الصَّدَاقِ، وعِوَضِ الخُلْعِ عندَ أبي حنيفةَ.

فصل: وما لا يجوزُ بَيْعُه قبلَ قَبْضِه، لا يجوزُ بَيْعُه لبائِعِهِ؛ لِعُمومِ الخَبَرِ فيه. قال القاضى: ولو ابْتاعَ شَيْئًا ممَّا يَحْتاجُ إلى قَبْضٍ، فلَقِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، لم يكنْ له مُطَالَبَتُه، ولا أخْذُ بَدَلِه، وإن تَرَاضَيا؛ لأنَّه مَبيعٌ لم يُقْبَضْ. فإنَّ كان ممَّا لا يَحْتاجُ إلى قَبْضٍ، جازَ أخْذُ البَدَلِ عنه. وإن كان فى سَلَمٍ، لم يَجُزْ أخْذُ البَدَلِ عنه، لأنَّه أيضًا لا يَجوزُ بَيْعُه.

فصل: وكلُّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بهَلاكِه قبلَ القَبْضِ، لم يَجُزِ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه، كالذى ذَكَرْنَا. والأجْرَةُ، وبَدَلُ الصُّلْحِ، إذا كانا من المَكيلِ، أو المَوْزونِ، أو المَعْدودِ، وما لا يَنْفَسِخُ العَقْدُ بِهَلاكِه، جازَ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه (١٩)، كَعِوَضِ الخُلْعِ، والعِتْقِ على مالٍ، وبَدَلِ الصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ، وأَرْشِ الجِنايَةِ، وقِيمَةِ المُتْلَفِ، لأنَّ المُطْلِقَ للتَّصَرُّفِ (٢٠) المِلْكُ، وقد وُجِدَ. لكنَّ ما يُتَوَهَّمُ فيه غَرَرُ الانْفِسَاخِ بهَلَاكِ المَعْقودِ عليه، لم يَجُزْ بِناءُ عَقْدٍ آخَرَ عليه، تَحَرُّزًا من الغَرَرِ. وما لا يُتَوَهَّمُ فيه ذلك الغَرَرُ، انْتَفَى المانِعُ، فجازَ العَقْدُ عليه، وهذا قولُ أبي حنيفةَ. والمَهْرُ كذلك عندَ القاضى، وهو قولُ أبي حنيفةَ، لأنَّ العَقْدَ لا يَنْفَسِخُ بهَلاكِه. وقال الشافِعِيُّ: لا يَجوزُ التَّصَرُّف فيه قبلَ قَبْضِه. وذكَرَهُ (٢١) أبو الخَطَّابِ فى غيرِ المُتَعَيِّنِ (٢٢)، لأنَّه يَخْشَى رُجوعَه بانْتِقَاضِ سَبَبِه بالرِّدَّةِ قبلَ الدُّخولِ، أو انْفِساخه بِسَبَبٍ من جِهَةِ المَرْأَةِ، أو نِصْفِه بالطَّلاقِ، أو انْفِساخهِ بِسَبَبٍ من غيرِ جِهَتِها. وكذلك قالَ الشَّافِعِيُّ فى عِوَضِ الخُلْعِ. وهذا التَّعْليلُ باطِلٌ


(١٩) فى الأصل: "القبض".
(٢٠) فى م: "لتصرف".
(٢١) فى م: "ووافقه".
(٢٢) فى الأصل: "المعين".

<<  <  ج: ص:  >  >>