للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى خَرَجَ به من البُيُوتِ، قطَعَ الوَادِىَ، فأتَى به المَقَابِرَ، فقال: هذه ذاتُ عِرْقٍ الأُولَى.

٥٤٧ - مسألة؛ قال: (وَأهْلُ مَكَّةَ إذَا (١) أرَادُوا الْعُمْرَةَ، فَمِنَ الْحِلِّ، وإذَا (٢) أرَادُوا الْحَجَّ، فَمِنْ مَكَّةَ)

أهْلُ مَكَّةَ، مَن (٣) كان بها، سَوَاءٌ كان مُقِيمًا بها أو غَيْرَ مُقِيمٍ؛ لأنَّ كُلَّ مَن أتَى على مِيقَاتٍ كان مِيقَاتًا له، فكذلك كُلُّ مَن كان بمَكَّةَ فهى مِيقَاتُه لِلْحَجِّ؛ وإن أرادَ العُمْرَةَ فمِن الحِلِّ. لا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا. ولذلك أمَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبدَ الرحمنِ ابنَ أبي بكرٍ أن يُعْمِرَ عائشةَ من التَّنْعِيمِ. مُتَّفَقٌ عليه (٤). وكانت بمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ، والأصْلُ في هذا قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "حَتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّون مِنْهَا" (٥). يَعْنِى لِلْحَجِّ. وقال أيضا: "وَمَنْ كَانَ أهْلُهُ دُونَ المِيقَاتِ فَمِنْ حَيْثُ يُنْشِئُ، حَتَّى يَأْتِىَ ذلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ" (٥). وهذا في الحَجِّ. فأمَّا في العُمْرَةِ فمِيقَاتُها في حَقِّهِم الحِلُّ، مِن أىِّ جَوَانِبِ الحَرَمِ شاءَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. أمَرَ بإعْمارِ عائشةَ من التَّنْعِيمِ، وهو أدْنَى الحِلِّ إلى مَكَّةَ. وقال ابنُ سِيرِينَ: بَلَغَنِى أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لِأهْلِ مَكَّةَ التَّنْعِيمَ (٦). وقال ابنُ عَبَّاسٍ: يا أهْلَ مَكَّةَ، مَنْ أتَى منكم العُمْرَةَ، فلْيَجْعَلْ بَيْنَه وبَيْنَها بَطْنَ مُحَسِّرٍ (٧). يَعْنِى إذا أحْرَمَ بها من ناحِيَةِ المُزْدَلِفَة. وإنَّما لَزِمَ الإحْرَامُ من الحِلِّ، لِيَجْمَعَ في النُّسُكِ بينَ الحِلِّ والحَرَمِ، فإنَّه لو أحْرَمَ من الحَرَمِ، لمَا جَمَعَ بينهما فيه، لأنَّ أفْعالَ العُمْرَةِ كُلَّها في الحَرَمِ، بخِلَافِ الحَجِّ،


(١) في الأصل، أ: "إن".
(٢) في الأصل: "وإن".
(٣) في أ، ب، م: "ومن".
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ١٥.
(٥) تقدم تخريجهما في حديث ابن عباس صفحة ٥٦.
(٦) عزاه المزى لأبي داود في المراسيل. تحفة الأشراف ١٣/ ٣٥٧. وكذلك الزيلعى، في نصب الراية ٣/ ١٦.
(٧) بطن محسر. هو وادى المزدلفة. معجم البلدان ١/ ٦٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>