للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويُسَنُّ الذَّبْحُ بسِكِّينٍ حادٍّ، لما رَوَى أبو داودَ، عن شَدَّاد بن أَوْسٍ، قال: خَصْلَتان سَمِعْتُهما من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه كتَبَ الإِحْسانَ عَلَى كُلِّ شىءٍ، فَإذَا قَتَلْتُم فأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، ولْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" (٥). ويُكْرَه أَنْ يَسُنَّ السِّكِّينَ والحيوانُ يُبْصِرُه. ورَأى عمرُ رجُلًا قد وَضَعَ رِجْلَه على شاةٍ، وهو يَحُدُّ السِّكِّينَ، فضَرَبَه حَتى أَفْلَتَ الشَّاةَ. ويُكْرَهُ أَنْ يذبَحَ شاةً، والأُخْرَى تنْظُرُ إليه، ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بها القِبْلَةَ. واسْتَحَبَّ ذلِكَ ابنُ عمرَ، وابنُ سِيرِينَ، وعَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكَرِه ابنُ عمرَ، وابنُ سِيرِينَ أكْلَ ما ذُبِحَ لغيرِ القِبْلَةِ. وقال سائِرُهم: ليس ذلك مَكرُوهًا؛ لأنَّ أهلَ الكِتابِ يَذْبَحُون لغيرِ القِبْلَةِ، وقد أحلَّ اللَّهُ ذبائِحَهم.

فصل: قال أحمدُ: لا تُؤْكَل المَصْبُورَةُ، ولا المُجَثَّمَةُ. وبه قال إسحاقُ. والمُجَثَّمةُ: هى الطائِرُ أو الأَرْنَبُ يُجْعَلُ غَرَضًا، ثمّ يُرْمَى حتَّى يُقْتَلَ. والمَصْبُورَةُ مثلُه، إلَّا أنَّ المُجَثَّمةَ لا تكونُ إلَّا فى الطائِرِ والأَرْنَبِ وأشْباهِها، والمَصْبُورةُ كُلُّ حَيوانٍ. وأصْلُ الصَّبْرِ الحَبْسُ. والأَصْلُ فى تحريمِه، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن صَبْرِ البهائِمِ (٦)، وقال: "لا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا" (٧). ورَوَى سعيدٌ، بإسنادِه عن أبى الدَّرْداءِ قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلِّ مُجَثَّمَةٍ (٨). وبإسْنادِه عن مُجاهِدٍ، قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المُجَثَّمَةِ وعن أَكْلِها، ونَهَى عن المَصْبُورَةِ وعن أكلِها (٨). ولأنَّها (٩) حيوانٌ


(٥) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٥١٦.
(٦) تقدم تخريجه، فى صفحة ١٤٣.
(٧) أخرجه مسلم، فى: باب النهى عن صبر البهائم، من كتاب الصيد. صحيح مسلم ٣/ ١٥٤٩. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية المصبورة، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٦٧. والنسائى، فى: باب النهى عن المجثمة، من كتاب الضحايا. المجتبى ٧/ ٢١٠، ٢١١. وابن ماجه، فى: باب النهى عن صبر البهائم وعن المثلة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٦٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٢١١، ٢٧٣، ٢٧٤، ٢٨٠.
(٨) وأخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية أكل المصبورة، من أبواب الصيد، وفى: باب ما جاء فى أكل لحوم الجلالة وألبانها، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٦٥، ٨/ ١٩. والنسائى، فى: باب النهى عن المجثمة، وباب النهى عن الجلالة، من كتاب الضحايا. المجتبى ٧/ ٢٠٩، ٢١٢. والدارمى، فى: باب النهى عن المثلة، وباب فى الجلالة وما جاء فيه من النهى، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى ٢/ ٨٣، ٨٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٢٦، ٢٤١، ٢٩٣، ٣٢١، ٣٣٩، ٢/ ٣٦٦، ٣/ ٣٢٣، ٤/ ١٢٧، ١٩٤، ٦/ ٤٤٥.
(٩) فى م: "ولأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>