للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخَرِ، صَارا جِنْسَيْنِ، حُكْمُهما حُكْمُ الجِنْسَيْنِ الأَصْلِيَّيْنِ.

فصل: فى بَيْعِ التَّمْرِ بالتَّمْرِ وفُروعِهِ، يجوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بالتَّمْرِ كَيْلًا بِكَيْلٍ بغيرِ خِلافٍ، وسواءٌ تساوَيا فى الجَوْدَةِ والرَّداءَةِ، وفى كَوْنِهما يَنْكَبِسانِ فى المِكْيالِ، أو اختلفا فى ذلك، قيلَ لأحمدَ: صاعُ تَمْرٍ بِصاعِ تَمْرٍ، وأحَدُ التَّمْرَيْنِ يَدْخُلُ فى المِكْيالِ منه أكْثَرُ؟ فقال: إنَّما هو صاعٌ بصاعٍ. وذلك لقولِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "التَّمْرُ بالتَّمْرِ مُدْىٌ بِمُدْىٍ" ثم قال: "مَنْ زادَ، أو ازْدادَ، فقد أَرْبَى" (٩). فإن كان فى كُلِّ واحِدٍ منهما نواهُ، جازَ بَيْعُه مُتَساوِيًا بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد عَلِمَ أنَّ التَّمْرَ يكونُ فيه النَّوَى. وإن نُزِعَ من كلِّ واحِدٍ منهما نَوَاهُ، جازَ أيضًا. وقال أصحابُ الشَّافِعِىِّ: لا يجوزُ فى أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّهما لم يَتَساوَيا فى حال الكَمالِ. ولأنَّه يَتَجافَى فى المِكْيالِ. ولنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "التَّمْرُ بالتَّمْرِ مُدْىٌ بمُدْىٍ". ولأنَّهما تَساوَيا فى الحالِ على وَجْهٍ لا يَنْفَرِدُ أحَدُهما بالنُّقْصانِ، فجازَ، كما لو كان فى كلِّ واحِدٍ منهما نَواهُ. ويَجوزُ بَيْعُ النَّوَى بالنَّوَى كَيْلًا لذلك. وإذا باعَ تَمْرًا مَنْزوعَ النَّوَى بِتَمْرٍ نَواهُ فيه، لم يَجُزْ؛ لاشْتِمالِ أحَدِهما على ما ليس من جِنْسِه دونَ الآخَرِ. وإن نَزَعَ النَّوَى، ثم باعَ النَّوَى والتَّمْرَ بِنَوًى وتَمْرٍ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه زالَتِ التَّبَعِيَّةُ بِنَزْعِهِ، فصَارَ (١٠) كَبَيْعِ تَمْرٍ وحِنْطَةٍ بِتَمْرٍ وحِنْطَةٍ. وإن باعَ النَّوَى بِتَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى، جازَ مُتفَاضِلًا، ومُتَساوِيًا؛ لأنَّهما جِنْسانِ. وإن باعَ النَّوَى بِتَمْرٍ نَواهُ فيه، فعلى رِوايَتَيْنِ؛ منَعَ منه فى رِوايةِ مُهَنَّا، وأَحمدَ بنِ القاسِمِ؛ لأنَّ التَّمْرَ نَوًى، فيَصير كَمُدِّ عَجْوَةٍ، وكما لو باعَ تَمْرًا فيه نَواهُ، بِتَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى. وأجازَ ذلك فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ؛ لأنَّ النَّوَى فى التَّمْرِ غيرُ مَقْصُودٍ، ولذلك جازَ بَيْعُ التَّمْرِ بالتَّمْرِ فى كلِّ واحِدٍ منهما نَواهُ، وصارَ هذا كَبَيْعِ دارٍ مُمَوَّهٍ سَقْفُهَا بالذَّهَبِ (١١).


(٩) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(١٠) فى الأصل: "فكان".
(١١) بعد هذا فى م زيادة: "يذهب".

<<  <  ج: ص:  >  >>