دَعْوَى الخَصْمِ أنَّك لَسْتَ بوَكِيلٍ. ولَنا، أنَّه إِثْبَاتٌ لِلْوَكَالَةِ، فلم يَفْتَقِرْ إلى حُضُورِ المُوَكّلِ عليه، كما لو كان المُوَكّلُ عليه جَمَاعَةً فأُحْضِرَ واحدٌ منهم، فإنَّ الباقِينَ لا يُفْتَقَرُ إلى حُضُورِهم، كذلك ههُنا. والدَّلِيلُ على أن الدَّعْوَى لا تُسْمَعُ قبل ثُبُوتِ الوَكَالَةِ، أنَّها لا تُسْمَعُ إلَّا من خَصْمٍ يُخَاصِمُ عن نَفْسِه أو عن مُوَكِّلِه، وهذا لا يُخَاصِمُ عن نَفْسِه، ولم يَثْبُتْ أنه وَكِيلٌ لمن يَدَّعِى له، فلا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كما لو ادَّعَى لمن لم يَدَّعِ وَكَالَتَه، وفى هذا الأَصْلِ جَوَابٌ عما ذَكَرَهُ.
فصل: ولو حَضَرَ رَجُلٌ، وادَّعَى على غائِبٍ مالًا في وَجْهِ وَكِيلِه، فأنْكَرَهُ، فأقَامَ بَيِّنَةً بما ادَّعَاهُ، حَلَّفَهُ الحاكِمُ، وحَكَمَ له بالمالِ. فإذا حَضَرَ المُوَكَّلُ، وجَحَدَ الوَكَالةَ، أو ادَّعَى أنَّه كان قد عَزَلَهُ، لم يُؤَثِّرْ ذلك في الحُكْمِ؛ لأنَّ القَضاءَ على الغائِبِ لا يَفْتَقِرُ إلى حُضُورِ وَكِيلِه.
فصل: إذا قال: بِعْ هذا الثَّوْبَ بعَشَرَةٍ، فما زَادَ عليها فهو لك. صَحَّ، واسْتَحَقَّ (٧١) الزِّيَادَةَ. وقال الشّافِعِىُّ: لا يَصِحُّ. ولَنا، أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ كان لا يَرَى بذلك بَأْسًا، ولأنَّه يَتَصَرَّفُ في مالِه بإِذْنِه، فصَحَّ شَرْطُ الرِّبْحِ له في الثاني، كالمُضَارِبِ والعامِلِ في المُسَاقَاةِ.