للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تركَ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاةَ على أقَلَّ مِن هذا؛ الدَّيْنِ، والغُلُولِ، وقَاتِلِ نَفْسِه. وقال: لا يُصَلَّى على الرَّافِضِىِّ. وقال أبو بكرِ بن عَيَّاشٍ: لا أُصَلِّى عَلَى رَافِضِىٍّ، ولا حَرُورِىٍّ (١٨). وقال الْفِريَابِىُّ (١٩): مَن شَتَمَ أبا بكرٍ فهو كَافِرٌ، لا يُصَلَّى (٢٠) عليه. قِيلَ له: فكيف نَصْنَعُ به، وهو يقولُ: لا إلهَ إلَّا اللَّه؟ قال: لا تَمَسُّوهُ بأيْدِيكم، ارْفَعُوهُ (٢١) بالخُشُبِ حتى تُوَارُوهُ في حُفْرَتِه. وقال أحمدُ: أهْلُ الْبِدَعِ لا يُعادُونَ إن مَرِضُوا، ولا تُشْهَدُ جَنَائِزُهم إن ماتُوا. وهذا قولُ مَالِكٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وسائِرُ العُلَمَاءِ يُصَلُّونَ على أهْلِ الْبِدَعِ والخَوَارِجِ وغَيْرِهِم؛ لِعُمُومِ قولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلهَ إلَّا اللهُ" (٢٢). ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَرَكَ الصلاةَ بأدْونَ مِن هذا، فأوْلَى أن نَتْرُكَ الصلاةَ به، ورَوَى ابنُ عمرَ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا، وإنَّ مَجُوسَ أُمَّتِى الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ، فَإنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وإنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ". رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ (٢٣).

فصل: ولا يُصَلَّى على أطْفالِ المُشْرِكِينَ؛ لأنَّ لهم حُكْمَ آبَائِهم، إلَّا مَن حَكَمْنا بإسْلامِه، مثل أن يُسْلِمَ أحدُ أبَوَيْهِ، أو يموتَ، أو يُسْبَى مُنْفَرِدًا مِن أبوَيْهِ، أو من أحَدِهما، فإنَّه يُصَلَّى عليه. وقال أبو ثَوْرٍ في (٢٤) مَن سُبِىَ مع (٢٥) أحَدِ


= شيعة الكوفة هذه المقالة رفضوه، فسموا رافضة. الملل والنحل ١/ ٣٠٤ - ٣٠٦.
(١٨) الحرورية أتباع نجدة بن عامر الحرورى الحنفى، وهم فرقة من الخوارج. الملل والنحل ١/ ٢١٢.
(١٩) أبو عبد اللَّه محمد بن يوسف الفريابى الحافظ، شيخ البخاري، المتوفى سنة اثنتى عشرة ومائتين. العبر ١/ ٣٦٣.
(٢٠) في م: "أصلى".
(٢١) في أ: "ادفعوه".
(٢٢) في م زيادة: "محمد رسول اللَّه". وتقدم تخريجه في صفحة ٣٥٧.
(٢٣) في: المسند ٢/ ٨٦، ١٢٥. كما أخرجه أبو داود مختصرا، في: باب في القدر، من كتاب السنة. سنن أبي داود ٢/ ٥٢٤.
(٢٤) سقط من: م.
(٢٥) في أ، م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>