للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}. ولأنَّ له حدًّا يَنْتَهِى إليه، يُمْكِنُ القِصاصُ منه، فوَجَبَ، كاليَدَيْنِ.

١٤٥١ - مسألة؛ قال: (ولَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ، ولَا يَسَارٌ بِيَمِينٍ)

هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن ابنِ سِيرِينَ، وشَرِيكٍ، أنَّ إحْداهما تُؤْخَذُ بالأُخْرَى؛ لأنَّهما يَسْتَوِيانِ في الخِلْقةِ والمَنْفَعَةِ. ولَنا، أنَّ كلَّ واحدةٍ منهما تَخْتَصُّ باسمٍ، فلا تُؤْخَذُ إحْداهما بالأُخْرَى، كاليَد مع الرِّجْلِ. فعلَى هذا كلُّ ما انْقَسَمَ إلى يَمِينٍ ويَسارٍ، كاليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ والأذُنَيْنِ والمَنْخِرَيْنِ والثَّدْيَيْنِ والأَلْيَتَيْنِ والأُنْثَيَيْنِ، لا تُؤْخَذُ إحْداهما بالأُخْرَى.

فصل: وما انْقَسَمَ إلى أعْلَى وأسْفَلَ، كالجَفْنَيْنِ والشَّفَتَيْنِ، لا يُؤْخَذُ الأعْلَى بالأسْفَلِ، ولا الأسْفَلُ بالأعْلَى؛ لما ذكرْنا. ولا تُؤْخَذُ إصْبَعٌ بإصْبَعٍ، إلَّا أن يَتَّفِقَا في الاسمِ والمَوْضِعِ. ولا تؤخذُ أْنْمُلَةٌ بأْنْمُلةٍ، إلَّا أن يَتَّفِقا في ذلك. ولا تُؤْخَذُ عُلْيَا بسُفْلَى ولا وُسْطَى، والوُسْطَى والسُّفْلَى لا تُؤْخَذَان بغيرِهما. ولا تُؤْخَذُ السِّنُّ بالسنِّ إلَّا أن يتَّفِقَ مَوْضِعُهما واسْمُهما. ولا تُؤْخَذُ إصْبَعٌ ولا سِنٌّ أصْلِيَّةٌ بزائدةٍ، ولا زائدةٌ بأصْلِيَّةٍ، ولا زَائدةٌ بزائدةٍ في غيرِ مَحَلِّها؛ لما ذكرْناه.

فصل: وما لا يَجوزُ أخْذُه قِصاصًا، لا يجوزُ بتَرَاضِيهما واتِّفاقِهما عليه (١)؛ لأنَّ الدِّماءَ لا تُسْتَباحُ بالإِباحةِ (٢) والبَذْلِ، ولذلك لو بَذَلَها له ابتداءً، لا يَحِلُّ له (٣) أخْذُها، ولا يَحِلُّ لأحدٍ قَتْلُ نَفْسِه، ولا قَطْعُ طَرَفِه، فلا يَحِلُّ لغيرِه ببَذْلِه، فلو ترَاضَيا على قَطْعِ إحْدَى اليَدَيْنِ بَدَلًا عن الْأُخْرَى، فقَطَعها المُقْتَصُّ، سَقَطَ القَوَدُ؛ لأنَّ القَوَدَ سَقَطَ في الأُولَى بإسْقاطِ صاحِبها، وفى الثانية بإذْنِ صاحِبها في قَطْعِها، ودِياتُهما مُتَساوِيةٌ. وهذا


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في م: "بالاستباحة".
(٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>