للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَلْزَمُه الثَّمنُ؛ لأنَّه أعْتَقَه عنه بشَرْطِ العِوَض، فيُقَدَّرُ ابْتِياعُه منه، ثم تَوْكِيلُه فى عِتْقِه، ليَصِحَّ عنه، فيكونُ الثمنُ عليه والولاءُ له، كما لو ابْتاعَه منه ثم وَكّلَه فى عِتْقِه.

١٠٥٨ - مسألة؛ قال: (ولَوْ قَالَ: أعْتِقْهُ، والثَّمَنُ عَلَىَّ. كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْه، والْوَلَاءُ لِلمُعْتِقِ)

إنَّما كان الثَّمَنُ عليه؛ لأنَّه جَعَل له جُعْلًا على إعْتاقِ عَبْدِه، فلَزِمَه ذلك بالعملِ، كما لو قال: مَنْ بَنَى لى هذا الحائطَ فله دينارٌ. فبَناه إنسانٌ، اسْتَحَقَّ الدِّينارَ. والوَلاءُ لِلمُعْتِقِ؛ لأنَّه لم يأْمُرْه بإعْتاقِه عنه، ولا قَصَد به المُعْتِقُ ذلك، فلم يُوجَدْ ما يَقْتَضِى صَرْفَه إليه، فيَبْقَى للمُعْتِقِ، عَمَلًا بقولِه عليه السلام: "الولاءُ للمُعْتِقِ" (١).

فصل: ومَنْ أوْصَى أن يُعْتَقَ عنه (٢) بعدَ مَوْتِه، فأُعْتِقَ، فالْوَلاءُ له، كذلك لو وَصَّى بعِتْقِ عَبْدِه، ولم يَقُلْ: عَنِّى. فأُعْتِقَ، كان الوَلاءُ له؛ لأنَّ الإعْتاقَ من مالِه. وإن أُعْتِقَ عنه ما يجبُ إعْتاقُه، ككَفَّارةٍ ونحوِها، فقد مَضَى ذكرُها فيما تقدَّم.

١٠٥٩ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أعْتَقَ عَبْدًا لَهُ أوْلَادٌ مِنْ مَوْلاةٍ لِقَوْمٍ، جَرَّ مُعْتِقُ الْعَبْدِ وَلَاءَ أوْلَادِهِ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الرجلَ إدْا أعْتقَ أَمَتَه، فتزَوَّجتْ عبدًا، فأَوْلَدها، فوَلَدُها منه أحْرارٌ، وعليهم الولاءُ لمَوْلَى أُمِّهِم، يَعْقِلُ عنهم ويَرِثُهم إذا ماتوا؛ لكَوْنِه سببَ الإِنْعامِ عليهم بعِتْقِ أُمِّهِم، فصاروا لذلك أحْرارًا. فإن أعْتَقَ العبدَ سَيِّدُه ثَبَتَ له عليه الولاءُ، وجَرَّ إليه وَلاءَ أوْلادِه عن مَوْلَى أُمِّهم؛ لأنَّ الأبَ لمَّا كان مَمْلوكًا لم يكُنْ يصلحُ وارثًا، ولا وَلِيًّا فى نِكاح، فكان ابنُه كوَلَدِ المُلَاعِنَةِ يَنْقطِعُ نَسَبُه عن ابْنِه، فثَبَتَ الولاءُ لمَوْلَى أُمِّه، وانْتَسَب إليها، فإذا عَتَقَ العَبْدُ، صَلَحَ الانْتِسابُ إليه، وعادَ وارثًا عاقلًا وَلِيًّا، فعادت


(١) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(٢) فى م: "عبده". وانظر ما يأتى فى قوله: "عنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>