للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُفِعتْ إلى عمرَ بنِ الخَطَّابِ، ليس لها زَوْجٌ، وقد حَملَتْ، فسألَها عمرُ، فقالت: إنِّي امرأةٌ ثَقيلةُ الرَّأْسِ، وقعَ عَلَىَّ رجلٌ وأنا نائمةٌ، فما اسْتَيْقَظْتُ حتى فرغَ. فَدَرَأَ عنها الحَدَّ (٦٣). ورَوَى [النَّزَّالُ بن سَبْرَةَ] (٦٤)، عن عمرَ، أنَّه أُتِىَ بامرأَةٍ حاملٍ، فادَّعَتْ أنَّها أُكْرِهَتْ، فقال: خَلِّ سَبِيلَها. وكتبَ إلى أُمَراءِ الأجْنادِ، أنْ لا يُقْتَلَ أحَدٌ إلَّا بإذْنِه (٦٥). ورُوِىَ عن عليٍّ، وابنِ عباسٍ، أَنَّهما قالا: إذا كانَ في الحَدِّ لعلَّ وعَسَى، فهو مُعَطَّلٌ. ورَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (٦٦) بإسْنادِهِ عن عبدِ اللَّه بنِ مسعودٍ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وعُقْبةَ بنِ عامرٍ، أنَّهم قالوا: إذا اشْتَبَهَ عليك الحَدُّ، فادْرَأْ ما اسْتَطعْتَ. ولا خلافَ في أنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وهى مُتحقِّقَةٌ ههُنا.

فصل: وإذا اسْتَأْجَر امرأةً [لعملِ شيءٍ] (٦٧)، فزَنَى بها، أو اسْتَأْجرَها لِيَزْنِىَ بها، وفعلَ ذلك، أو زَنَى بامْرأةٍ ثم تزوَّجَها أو اشتراها، فعليهما الحَدُّ. وبه قال أكثرُ أهلِ العلمِ. وقال أبو حنيفةَ: لا حَدَّ عليهما في هذه المواضِعِ [إِلَّا إذا اسْتأجرَها لعملِ شيءٍ] (٦٨)؛ لأَنَّ مِلكَه لِمَنْفَعتِها شُبْهَةٌ دَارِئةٌ للحَدِّ (٦٩)، ولا يُحَدُّ بَوْطءِ امرأةٍ هو مالِكٌ لها. ولَنا، عُمومُ الآيةِ، والأخبارُ، ووجُودُ المعنى المُقْتَضِى لوُجوبِ الحَدِّ. وقولُهم: إنَّ مِلْكَه مَنْفَعتَها شُبْهَةٌ. ليس بصحيحٍ، فإنَّه إذا لم يسْقُطْ عنه الحَدُّ ببَذْلِها [نَفْسَها له] (٦٨)، ومُطاوَعتِها إيَّاه، فلأنْ لا يسْقُطَ بمِلْكِه نَفْعَ مَحَلٍّ آخَرَ أوْلَى، وما وجبَ الحَدُّ


(٦٣) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٤٨.
(٦٤) في م: "البراء بن صبرة". خطأ.
(٦٥) أخرجه البيهقي، في: باب من زنى بامرأة مستكرهة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٣٦. وابن أبي شيبة، في: باب في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٦٩.
(٦٦) في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٢٠.
كما أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٣٨. وابن أبي شيبة، في: باب في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٦٧.
(٦٧) سقط من: ب.
(٦٨) سقط من: م.
(٦٩) قال صاحب "الدر المختار" تعليقًا على القول بسقوط الحَدِّ على من استأجر امرأةً ليزنى بها: والحق وجوب الحد، كألمستأجرة للخدمة. وقال ابن عابدين، في "حاشيته" ٤/ ٢٩ على ذلك: قوله: "والحق وجوب الحد" أي كما هو قولهما. وانظر ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين ٣/ ٣٧٧. في التحيل لإِسقاط حد الزنى، حيث قال رحمه اللَّه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>