للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شىءَ للغاصِبِ في عَلَفِها. قال أحمدُ، في طَيْرَةٍ جاءَتْ إلى دارِ قَوْمٍ فأَفْرَخَتْ عندهم: يَرُدُّ فُرُوخَها إلى أصْحابِ الطيرَةِ، ولا شىءَ للغاصِبِ فيما عَمِلَ. وإن غَصَبَ شاةً، فأنْزَى (٣٤) عليها فَحْلًا، فالوَلَدُ لصاحِبِ الشّاةِ؛ لأنَّه مِن نَمَائِها. وإن غَصَبَ فَحْلًا، فأَنْزَاهُ على شَاتِه، فالوَلَدُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ؛ لأنَّه يَتْبَعُ الأُمَّ، ولا أُجْرَةَ له؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن عَسْبِ الفَحْلِ (٣٥). وإن نَقَصَهُ الضِّرَابُ ضَمِنَ (٣٦) نَقْصَه.

فصل: وإن غَصَبَ دَنَانِيرَ أو دَرَاهِمَ من رَجُلٍ، وخَلَطَها بمِثْلِها لآخَرَ، فلم يَتَمَيَّزا، صارَا شَرِيكَيْنِ. وقال أبو حنيفةَ: يَمْلِكُها الغاصِبُ، وعليه غَرَامَةُ مِثْلِها لهما، وإن خَلَطَها بمِثْلِها من مالِه، مَلَكَها؛ لأنَّه تَعَذَّرَ تَسْلِيمُها بِعَيْنِها، فأشْبَهَ ما لو تَلِفَتْ. ولَنا، أنَّه فِعْلٌ في المَغْصُوبِ على وَجْهِ التَّعَدِّى، لم يَذْهَبْ بمالِيَّتِه، فلم يَزُلْ مِلْكُ صاحِبِه عنه، كذَبْحِ الشاةِ.

فصل: وإن غَصَبَ عَبْدًا، فصَادَ صَيْدًا، أو كَسَبَ شيئا، فهو لِسَيِّدِه، وإن غَصَبَ جارِحًا كالفَهْدِ والبَازِيِّ، فصَادَ به، فالصَّيْدُ لمالِكِه؛ لأنَّه مِن كَسْبِ مالِه، فأشْبَهَ صَيْدَ العَبْدِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه للغاصِبِ؛ لأنَّه الصائِدُ، والجارِحَةُ آلَةٌ له، ولهذا يَكْتَفِى بتَسْمِيَتِه عندَ إِرْسَالِه الجارِحَ. وإن غَصَبَ قَوْسًا أو سَهْمًا أو شَبَكَةً، فصَادَ به، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، أنَّه لِصَاحِبِ القَوْسِ والسَّهْمِ والشَّبَكَةِ؛ لأنَّه حاصِلٌ به، فأشْبَهَ نَمَاءَ مِلْكِه وكَسْبَ عَبْدِه. والثانى، للغاصِبِ؛ لأنَّ الصَّيْدَ حَصَلَ بِفِعْلِه، وهذه آلَاتٌ، فأَشْبَهَ ما لو ذَبَحَ بِسِكِّينِ غيرِه، فإن قُلْنا: هو (٣٧) للغاصِبِ. فعليه أجْرُ ذلك كلُّه مُدَّةَ مُقَامِه في يَدَيْهِ، إن كان له أجْرٌ. وإن قُلْنا: هو للمالِكِ، لم يكُنْ له أجْرٌ في مُدَّةِ


(٣٤) في النسخ: "فأترى". وقعت نقطة الزاى مع النون
(٣٥) تقدم تخريجه في: ٦/ ٣٠٣.
(٣٦) في ب، م: "ضر".
(٣٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>