للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه قَبُولُه. وهذا قولُ مالِكٍ؛ لِلْخَبَرِ، ولأنَّه قد نَقَصَ بالحُمُوضَةِ، أشْبَهَ ما لو أتْلَفَه. والثانى، يَلْزَمُه قَبُولُه؛ لأن النَّقْصَ حَصَلَ بإسْلامِ المَبِيعِ، وبِتَغْرِيرِ البائِعِ، وتَسْلِيطِه على حَلْبِه، فلم يَمْنَع الردَّ، كَلَبَنِ غيرِ المُصَرَّاةِ.

فصل: وإذا رَضِىَ بالتَّصْرِيةِ فأمْسَكَها، ثم وَجَدَ بها عَيْبًا آخَرَ، رَدَّها به؛ لأنَّ رِضاه بِعَيْبٍ لا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِعَيْبٍ آخَرَ، كما لو اشْتَرَى أعْرَجَ، فَرَضِىَ بِعَيْبِه، ثم أصابَ به بَرَصًا (٩). وإذا رَدَّ لَزِمَه صاعٌ من تَمْرٍ، عِوَضَ اللَّبَنِ؛ لأنَّه قد جُعِلَ عِوَضًا له فيما إذا رَدَّها بِالتَّصْرِيَةِ، فيكون عِوَضًا له مُطْلَقًا.

فصل: ولو اشْتَرَى شاةً غيرَ مُصَرَّاةٍ فاحْتَلَبَها، ثم وَجَدَ بها عَيْبًا، فلَهُ الرَّدُّ، ثم إنْ لم يكن في ضَرْعِها لَبَنٌ حالَ العَقْدِ، فلا شَىْءَ عليه؛ لأنَّ ما حَدَثَ من اللَّبَنِ بعد العَقْدِ يَحْدُثُ على مِلْكِ المُشْتَرِي، وإنْ كان فيه لَبَنٌ حالَ العَقْدِ، إلَّا أنَّه شيءٌ لا يَخْلُو الضَّرْعُ من مثلِه في العادَةِ، فلا شَىْءَ فيه؛ لأنَّ مثلَ هذا لا عِبْرَةَ به، ولا قِيمَةَ له في العادَةِ، فهو تابِعٌ لما حَدَثَ، وإنْ كان كَثِيرًا، وكان قائِمًا بحالِه، فهل له رَدُّه؟ يُبْنَى على رَدِّ (١٠) لَبَنِ التَّصْرِيَةِ، وقد سَبَقَ. فإنْ قُلْنا: لبس له رَدُّه. كان بَقاؤُه كَتَلَفِه. وهل له أنْ يَرُدَّ المَبِيعَ؟ يُخرَّج على الرِّوايَتَيْنِ فيما إذا اشْتَرَى شَيْئًا فَتلِفَ منه جُزْءٌ أو تَعَيَّبَ. والأشْهَرُ في المذهبِ أنَّه يَرُدُّه، فعلى هذا يَلْزَمُه رَدُّ مثلِ اللَّبَنِ؛ لأنَّه من ذَواتِ الأمثالِ. والأصْلُ ضَمانُ ما كان من المِثْلِيَّاتِ بمِثْلِه، إلَّا أَنَّه خُولِفَ في لَبَنِ التَّصْرِيَةِ بالنَّصِّ، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأصْلِ، ولأصْحابِ الشَّافِعِيِّ، في هذا الفَصْلِ، نحوٌ ممَّا ذَكَرْنا.

الفصل الثالث في الخِيارِ: اخْتَلَفَ أصْحابُنا في مُدَّتِه. فقال القاضِى: هو مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ أيَّامٍ، ليس له الرَّدُّ قَبل مُضِيِّها، ولا إمْساكُها بعدَها، فإنْ أمْسَكَها بعدَ ذلك،


(٩) في الأصل: "مرضا".
(١٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>