للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه جعلَ الشَّهرَ ظَرْفًا للطَّلاقِ، فإذا وُجِدَ ما يَكونُ ظَرْفًا له طَلُقَتْ، كما لو قال: إذا دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ. فإذا دَخَلَتْ أوَّلَ جُزْءٍ منها طَلُقَتْ. فأمَّا إن قال: إن لم أقْضِكَ حقَّك فى شهرِ رمضانَ فامْرأتِى طالقٌ، لم تَطْلُقْ حتى يَخْرُجَ رمضانُ قبلَ قضائِه؛ لأنَّه إذا قَضاهُ فى آخِرِه لم تُوجَدِ الصِّفةُ، وفى المَوْضعَيْنِ لا يُمْنَعُ من وطءِ زوجتِه قبلَ الحِنْثِ. وقال مالكٌ: يُمْنَعُ. وكذلك كلُّ يَمِينٍ على فِعْلٍ يَفعلُه، يُمْنعُ من الوَطْءِ قبلَ فِعْلِه؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّه على حِنْثٍ؛ لأنَّ الحِنْثَ بتَرْكِ الفعلِ، وليس بفاعلٍ (١). ولَنا، أَنَّ طلاقَه لم يَقَعْ، فلا يُمْنَعُ من الوَطْءِ لأجْلِ اليَمينِ، كما لو حَلَفَ: لا فعلتِ كذا. ولو صحَّ ما ذكرَه لَوجبَ إيقاعُ الطَّلاقِ.

فصل: ومتى جعلَ زمنًا ظَرْفًا للطَّلاقِ، وقَعَ الطّلاقُ فى أوَّلِ جُزْءٍ منه، مثل أن يقولَ: أنتِ طالقٌ اليومَ، أو غدًا، أو فى سنةِ كذا، أو شهرِ المُحَرَّمِ؛ لما ذَكَرْنا. فإن قال: أرَدْتُ (٢) فى آخرِه، أو أوْسَطِه، أو يومِ كذا منه، أو فى النَّهارِ دونَ اللَّيلِ. قُبِلَ منه فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى. وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ يُخَرَّجُ على روايتَيْنِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ فى أوَّلِ رمضانَ، أو غُرَّةِ رمضانَ، أو فى رأس شهرِ رمضانَ، أو دُخولِ شهرِ رمضانَ، أو اسْتِقْبالِ رمضانَ، أو مَجِىءِ شهرِ رمضانَ. طَلُقَتْ بأوَّلِ جُزْءٍ منه، ولم يُقبَلْ قولُه: أردتُ أوسطَه، أو آخرَه. لا ظاهرًا، ولا باطنًا؛ لأنَّه لا يَحْتَمِلُه لفظُه. وإن قال: بانْقضاءِ رمضانَ، أو انْسِلاخِه، أو نَفادِه، أو مُضِيِّه. طَلُقَتْ فى آخِرِ جُزْءٍ منه. وإن قال: أنتِ طالقٌ فى أوَّلِ نهارِ شهرِ رمضانَ، أو فى أولِ يومٍ منه. طَلُقَتْ بطُلوعِ فَجْرِ (٣) أوَّلِ يومٍ منه؛ لأنَّ ذلك أوَّلُ النَّهارِ واليومِ. ولهذا لو نَذَرَ اعتكاف يومٍ، أو صيامَ يومٍ، لَزِمَه من طُلُوعِ الفجرِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ إذا كان رمضانُ، أو إلى رمضانَ، أو إلى هلالِ رمضانَ، أو فى هلالِ رمضانَ، طَلُقَتْ ساعةَ يَسْتَهِلُّ، إلَّا أن يكونَ نَوَى من


(١) فى ب، م: "بفاعله".
(٢) سقط من: أ، ب، م.
(٣) فى ب، م: "الفجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>