للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعَ فى تَدْبِيرِها حالَ حَمْلِها، نم يَتْبَعْها الولَدُ فى الرُّجوعِ؛ لأنَّ التَّدْبِيرَ إعْتاقٌ، والإِعْتاقُ مَبْنِىٌّ على التَّغْليبِ والسِّرايةِ، والرُّجُوعُ عنه بعَكْسِ ذلك، فلم يَتْبَع الولَدُ فيه. وهذا كما لو وُلِدَ له تَوْأمان، فأقَرَّ بأحَدِهما، لَزِماه جميعًا، وإن نَفَى أحَدَهُما، لم يَنْتَفِ الآخَرُ، وإن رَجَعَ فيهما جميعًا، جاز، وإن رَجَعَ فى أحَدِهما دُونَ الآخَرِ، جاز. وإن دَبَّرَ الولدَ دُونَ أُمِّه، أو الأُمَّ دُونَ ولدِها، جاز؛ لأَنَّه يجوزُ أن يُعْتِقَ كلَّ واحدٍ منهما دُونَ صاحِبِه، فجَوازُ أَنْ يُدَبِّرَ أحَدَهما دُونَ صاحِبِه أَوْلَى، ولأنَّه (١٢) [تَعْليقٌ للعِتْقِ] (١٣) بصِفَةٍ، فجاز فى أحَدِهما دُونَ الآخَرِ، كالتَّعْلِيقِ بدُخُولِ الدَّارِ. وإِنْ دَبَّرَ أمَتَه، ثم قال: إِنْ دخَلْتِ الدَّارَ، فقد رَجَعْتُ فى تَدْبِيرِى. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الرُّجوعَ لا يَصِحُّ تَعْلِيقُه بصِفَةٍ. وإن قال: كلَّما ولَدْتِ ولدًا، فقد رَجَعْتُ فى تَدْبِيرِه. لم يَصِحَّ لذلك.

فصل: وإذا اخْتَلفتِ المُدَبَّرةُ ووَرَثةُ سَيِّدِها فى ولَدِها، فقالتْ: ولَدْتُهم بعدَ تَدْبيرِى، فعَتَقُوا مَعِى. وقال الورثةُ: بل وَلدْتِيهم (١٤) قبل تَدْبِيرِك، فهم مَمْلُوكُون لَنا. فالقَوْلُ قَوْلُ الوَرَثةِ معَ أيْمانِهم؛ لأنَّ الأَصْلَ بقاءُ رِقِّهم، وانْتِفاءُ الحُرِّيَّةِ عنهم، فإذا لم تكُنْ بَيِّنَةٌ، فالقولُ قولُ مَنْ يُوافِقُ قَوْلُه الأَصْلَ.

فصل: وكَسْبُ المُدَبَّرِ فى حَياةِ سَيِّدِه لِسَيِّدِه، له (١٥) أخْذُه منه؛ لأنَّ التَّدْبِيرَ لا يخْرُجُ عن شِبْهِه بالوَصِيَّةِ بالعِتْقِ، أو بالتَّعْلِيقِ له على صِفَةٍ، أو بالاسْتِيلادِ، وكلُّ هؤلاء كَسْبُهم لسَيِّدِهم، فكذلك المُدَبَّرُ. فإن اخْتَلَفَ هو ووَرَثَةُ سَيِّدِه فيما فى يَدِه بعدَ عِتْقِه، فقال: كَسَبْتُه بعدَ حُرِّيَّتِى. وقالوا: بل قبلَ ذلك. فالقَوْلُ قولُه؛ لأَنَّه فى يَدِه، ولم يَثْبُتْ مِلْكُهم عليه، بخلافِ الوَلدِ، فإنَّه كان رَقِيقًا لهم. فإن أقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيِّنةً بدَعْواه، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الوَرَثةِ، عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الخارِجِ، وبَيِّنَةُ المُدَبَّرِ عندَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ. وإِنْ أقَرَّ المُدَبَّرُ أَنَّ ذلك كان فى يَدِه فى حياةِ سَيِّدِه، ثم تجَدَّدَ مِلْكُه عليه بعدَ مَوْتِه، فالقولُ قولُ


(١٢) سقطت الواو من: الأصل، ب.
(١٣) فى الأصل: "يتعلق للمعتق".
(١٤) فى أ، ب، م: "ولدتهم".
(١٥) فى م: "وله".

<<  <  ج: ص:  >  >>