للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُها طَلاقُهُ، وظِهَارُه، وإِيلاؤُهُ، ولِعَانُهُ، ويَرِثُ أَحَدُهُما صَاحِبَه، بِالإِجْمَاعِ. وإِنْ خَالَعَها صَحَّ خُلْعُهُ. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: لا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ للتَّحْرِيمِ، وهى مُحَرَّمَةٌ. ولَنا، أَنَّهَا زَوْجَةٌ صَحَّ طَلَاقُها، فصَحَّ خُلْعُها، كما قَبْلَ الطَّلاقِ، وليس مَقْصُودُ (٨) الخُلْعِ التَّحْرِيمَ، بل الخَلاصَ مِنْ مَضَرَّةِ الزَّوْجِ ونِكاحِه الذى هو سَبَبُها، والنِّكاحُ بَاقى، ولا نَأْمَنُ رَجْعَتَهُ، وعلى أَنَّنَا نَمْنَعُ كَوْنَها مُحَرَّمَةً.

فصل: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَرَّمَةٌ؛ لِقَوْلِهِ: "وَإِذَا لَمْ يَدْرِ أواحِدةً طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا؟ فهو مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ، شَاكٌّ فى التَّحْلِيلِ". وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على هذا. وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ. وحُكِىَ ذلك عن عَطاءٍ، ومَالِكٍ. وقال القاضى: ظاهِرُ المَذْهَبِ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ. قال أحمدُ، فِى رِوَايَةِ أَبِى طالبٍ: لا تَحْتَجِبُ عنه. وفى رِوَايَةِ أبِى الحَارِثِ: تَتَشَرَّفُ له ما كانَتْ فِى العِدَّةِ. فظاهِرُ هذا أنَّها مُبَاحَةٌ، وله (٩) أَن يُسافِرَ بِها، ويَخْلُوَ بها، ويطَأَها. وهذا مَذْهَبُ أبى حَنِيفَةَ؛ لأَنَّها فى حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، فَأُبِيحَتْ له كما قَبْلَ الطَّلَاقِ. ووَجْهُ الأُولَى، أنَّها طَلْقَةٌ وَاقِعَةٌ، فَأَثْبَتَتِ التَّحْرِيمَ، كالتى بِعِوَضٍ. ولا خِلافَ فى أَنَّهُ لا حَدَّ عليه بِالْوَطْءِ. ولا يَنْبَغِى أَنْ يَلْزَمَهُ مَهْرٌ، سَوَاءٌ رَاجَعَ أو لم يُرَاجِعْ؛ لأَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ التى يَلْحَقُهَا طَلَاقُه، فلم يكنْ عليه مَهْرٌ، كسائِرِ الزَّوْجَاتِ. ويُفارِقُ ما لو وَطِئَ الزَّوْجُ بعدَ إسْلامِ أحَدِهما فى العِدَّةِ؛ حيثُ يجِبُ المَهْرُ إذا لم يُسْلِمِ الآخَرُ فى العِدَّةِ؛ لأنَّهُ إذا لم يُسْلِمْ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الفُرْقَةَ وَقَعَتْ مِنْ حِينِ إِسْلَامِ المُسْلِمِ الأَوَّلِ (١٠) منهما، وهى فُرْقَةُ فَسْخٍ تَبِينُ به مِنْ نِكَاحِهِ، فأشْبَهَتِ الَّتى أَرْضَعَتْ مَنْ يَنْفَسِخُ نِكاحُها بِرَضاعِه، وفِى مَسْأَلَتِنا لا تَبِينُ إِلَّا بانْقِضاءِ العِدَّةِ، فَافْتَرَقَا. وقال


(٨) فى أ، ب: "بمقصود".
(٩) سقطت الواو من: ب، م.
(١٠) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>