للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه وُجِدَ (٣) الظِّهارُ والعَوْدُ فى حَقِّ (٤) كُلِّ امرأةٍ منهنَّ، فوَجَبَ عليه عن كُلِّ واحدَةٍ (٥) كفَّارةٌ، كما لو أفْرَدَها به. ولَنا، عُمُومُ (٦) قَوْلِ عمرَ وعلىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنْهُما، رَواه عنهما الأثْرَمُ (٧)، ولا نَعْرِفُ لهما فى الصَّحابةِ مُخالِفًا، فكان إجماعًا، ولأنَّ الظِّهارَ كَلِمَةٌ تَجِبُ بمخالفتِها الكفَّارةُ، فإذا وُجدَتْ فى جماعةٍ أوْجَبَتْ كفَّارةً واحدةً، كاليَمينِ باللَّهِ تعالى. وفارَقَ ما إذا ظاهَرَ (٨) بكلماتٍ؛ فإنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ تَقْتَضِى كفَّارةً تَرْفَعُها، وتُكَفِّرُ إثْمَها. وههُنا الكَلِمَةُ واحدةٌ، فالكفَّارةُ الواحدةُ تَرْفَعُ حُكْمَها، وتَمْحُو إِثْمَها، فلا يَبْقَى لها حُكْمٌ.

فصل: ومَفْهُومُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إذا ظاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِماتٍ، فقال لِكُلِّ واحدةٍ: أنتِ علىَّ كَظَهْرِ أُمِّى. فإنَّ لِكُلِّ يمينٍ كفَّارةً. وهذا قَوْلُ عُرْوَةَ، وعَطاءٍ. قال أبو عَبْدِ اللَّهِ ابنُ حامِدٍ: المذهبُ روايةٌ واحدةٌ فى هذا. قال. القاضى: المَذْهَب عندى ما ذَكَرَ الشيخُ أبو عبدِ اللَّهِ. وقال (٩) أبو بَكرٍ: فيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يُجْزِئُه كَفَّارةٌ واحِدَةٌ. واخْتار ذلك، وقال: هذا الذى قُلْناهْ اتِّباعًا لِعمرَ بنِ الخطَّابِ، والحَسَنِ، وعَطاءٍ، وإبراهيمَ، ورَبيعَةَ، وقَبِيصَةَ، وإسْحاقَ؛ لأنَّ كفَّارةَ الظِّهارِ حقٌّ للَّه تعالى، فلم تَتَكَرَّرْ بتَكَرُّرِ سَبَبِها، كالحَدِّ، وعليه يُخَرَّجُ الطَّلاقُ. ولنا، أنَّها أيْمانَ مُتَكَرِّرةٌ على أعْيانٍ مُتَفَرِّقةٍ، فكانَ لِكُلِّ واحدةٍ كفَّارةٌ، كما لو كفَّر ثم ظاهَرَ، ولأنَّها أيْمانٌ لا يَحْنَثُ فى


(٣) فى أ، م: "وجب".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) فى أ: "امرأة".
(٦) سقط من: أ، ب.
(٧) وأخرج قول عمر الدارقطنى، فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٣١٩. والبيهقى، فى: باب الرجل يظاهر من أربع نسوة له بكلمة واحدة، من كتاب الظهار. السنن الكبرى ٧/ ٣٨٣. وعبد الرزاق، فى: باب المظاهر من نسائه فى قول واحد، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٤٣٨، ٤٣٩. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى الظهار، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١٦.
(٨) فى م زيادة: "منها".
(٩) سقطت الواو من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>