للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعْذُورِ؛ لأنَّ الفَيْئَةَ بِالْوَطْءِ فى حَقِّها مُتَعَذِّرَةٌ، فلا تُمْكِنُ المُطالَبَةُ به، فأَشْبَهَ المَجْبُوبَ.

فصل: ويَصِحُّ الإِيلاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ قادِرٍ على الوَطْءِ. وأمَّا الصَّبِىُّ وَالمَجْنُونُ، فلا يَصِحُّ إيلاؤُهما؛ لأنَّ القَلَمَ مَرْفُوعٌ عنهما، ولأنَّه قَوْلٌ تَجِبُ بِمُخالَفَتِه كَفَّارَةٌ أو حَقٌّ، فلم يَنْعَقِدْ منهما كالنَّذْرِ. وأمَّا العاجِزُ عن الوَطْءِ، فإنْ كان لِعارِضٍ (٧٦) مَرْجُوٍّ زَوالُه كالْمَرَضِ والحَبْسِ، صَحَّ إيلاؤُه؛ لأنَّه يَقْدِرُ على الوَطْءِ، فَصَحَّ منه الامْتِناعُ منه (٧٧)، وإِنْ كان غيرَ مَرْجُوِّ الزَّوالِ كالجَبِّ والشَّلَلِ، لم يَصِحَّ إِيلاؤُه؛ لأنَّها يَمِينٌ على تَرْكِ مُسْتَحِيلٍ، فلم تَنْعَقِدْ، كما لو حَلَفَ أَنْ لا يَقْلِبَ الحِجارَةَ ذَهَبًا، ولأنَّ الإِيلاءَ اليَمِينُ المَانِعَةُ مِن الوَطْءِ، وهذا لا يَمْنَعُه يَمِينُه، فإنَّه مُتَعَذِّرٌ منه، ولا تَضُرُّ المَرْأَةَ يَمِينُه. قال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ الإِيلاءُ منه قياسًا على العاجِزِ بمَرَضٍ أو حَبْسٍ. ولِلشَّافِعِىِّ فى ذلك قَوْلانِ. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنا. فأمَّا الخَصِىُّ الذى سُلَّتْ بَيْضَتاه، أو رُضَّتْ، فيُمْكِنُ منه الوَطْءُ، ويُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا، فيَصِحُّ إيلاؤُه. وكذلك المَجْبُوبُ الذى بَقِىَ مِن ذَكَرِه ما يُمْكِنُ الجِماعُ به.

فصل: ويَصِحُّ إيلاءُ الذِّمِّىِّ ويَلْزَمُه ما يَلْزَمُ المُسْلِمَ إِذا تَقَاضَوْا إلينا. وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وإِنْ أسْلَمَ، لم يَنْقَطِعْ حُكْمُ إِيلائِه. وقال مالِكٌ: إنْ أَسْلَمَ، سَقَطَ حُكْمُ يَمِينِه. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: إِنْ حَلَفَ باللَّهِ، لم يكنْ مُولِيًا؛ لأنَّه لا يَحْنَثُ إذا جامَعَ، لِكَوْنِه غيرَ مُكَلَّفٍ، وإِنْ كانَتْ يَمِينُه بطَلاقٍ أَوْ عَتاقٍ، فهو مُولٍ؛ لأَنَّه يَصِحُّ عِتْقُه وطَلاقُه. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}. ولأَنَّه مانِعٌ نَفْسَه بِاليَمِينِ مِن جِماعِها، فكان مُولِيًا كالْمُسْلِمِ،


(٧٦) فى أ، ب: "العارض".
(٧٧) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>