للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَكْرةَ (٢١): تنَحَّ عن مُصَلَّانَا، فإنَّا لا نُصَلِّى خَلْفَكَ. وحَدِيثُ أبى ذَرٍّ: يَدُلُّ على صِحَّتِها نافِلَةً، والنِّزَاعُ في الفَرْضِ.

فصل: فأمّا الجُمَعُ والأَعْيَادُ فإنَّها تُصَلَّى خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وفَاجِرٍ. وقد كان أحْمدُ يَشْهَدُها مع المُعْتَزِلَة، وكذلك العُلَمَاءُ الذينَ في عَصْرِهِ. وقد رَوَيْنَا أنَّ رَجُلًا جاءَ محمدَ بنَ النَّضْرِ (٢٢)، فقال له: إنَّ لي جِيرَانًا من أهْلِ الأهْوَاءِ، لا يَشْهَدُونَ الجُمُعَةَ. قال حَسْبُكَ، مَا تَقُولُ في مَن يرُدُّ (٢٣) على أبى بكرٍ وعمَرَ؟ قال: رَجُلُ سَوْءٍ. قال: فإن رَدَّ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: يَكْفُرُ. قال: فإن رَدَّ على العَلِىِّ الأعْلَى؟ ثم غُشِىَ عليه، ثم أفَاقَ، فقال: رُدُّوا عليه، والَّذِى لا إله إلّا هُو فإنَّهُ قال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٢٤) وهو يَعْلَمُ أنَّ بَنِى العَبَّاسِ سَيَلُونَها. ولأنَّ هذه الصَّلاةَ من شَعَائِرِ الإِسْلامِ الظَّاهِرَةِ؛ وتَلِيها الأئِمَّةُ دُونَ غَيرِهم، فَتَرْكُها خَلْفَهم يُفْضِي إلى تَرْكِها بالكُلِّيَّةِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّها تُعَادُ خَلْفَ مَن يُعَادُ خَلْفَه غيرُها. قال أحْمدُ: أمَّا الجُمُعَةُ فَيَنْبَغِى شُهُودُها، فإنْ كان الذي يُصَلِّى منهم أعادَ. وَرُوِىَ عنه أنَّه قال: مَن أعادَها فهو مُبْتَدِعٌ. وهذا يَدُلُّ بعُمُومِه على أنَّها لا تُعَادُ خَلْفَ فاسِقٍ ولا مُبْتَدِعٍ؛ لأنَّها صَلَاةٌ أُمِرَ بها، فلم تَجِبْ إعادَتُها كسائِرِ الصَّلَوَاتِ.

فصل: فإنْ كان المُبَاشِرُ لها عَدْلًا، والْمُوَلِّى له غيرَ مَرْضِىِّ الحَالِ لِبِدْعَتِه أو فِسْقِه، لم يُعِدْها. نَصَّ عليه. وقِيلَ له: إنَّهم يقُولُون إذا كان الذي وَضَعَه يقولُ


(٢١) في م: "أبو بكر". خطأ. وانظر خبر أبى بكرة مع المغيرة، في شرح مختصر الروضة ٢/ ١٧٠ - ١٧٣.
(٢٢) أبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودى الحنفى النيسابورى، كان شيخ وقته، وعين علماء عصره، حفظا وجمالا، وتوفى سنة إحدى وتسعين ومائتين. الجواهر المضية ٣/ ٣٨٢.
(٢٣) في أ، م: "رد".
(٢٤) سورة الجمعة ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>