فيه بذلك يَدُلُّ على أنَّه قَصَدَ الرُّجُوعَ عن بَيْعِه. وإن بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لم تَبْطُل الوَكَالَةُ؛ لأنَّ مِلْكَه في العَبْدِ لم يَزُلْ. ذَكَرَهُ ابنُ المُنْذِرِ.
وجملتُه أنَّ الوَكِيلَ في الشِّرَاءِ إذا خَالَفَ مُوَكِّلَهُ، فَاشْتَرَى غيرَ ما وُكِّلَ في شِرَائِه، مثل أن يُوَكِّلَهُ في شِرَاءِ عَبْدٍ فيَشْتَرِىَ جَارِيَةً، لم يَخْلُ من أَنْ يكونَ اشْتَراهُ في ذِمَّتِه أو بِعَيْنِ المالِ، فإن كان اشْتَرَاهُ في ذِمَّتِه، ثم نَقَدَ ثَمَنَهُ، فالشِّرَاءُ صَحِيحٌ؛ لأنَّه إنَّما اشْتَرَى بِثَمَنٍ في ذِمَّتِه، ليس ذلك مِلْكًا لغيرِه. وقال أصحابُ الشّافِعِىِّ: لا يَصِحُّ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّه عَقَدَهُ على أنَّه لِلْمُوَكِّلِ، ولم يَأْذَنْ فيه، فلم يَصِحَّ، كما لو اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِه. ولَنا، أنَّه لم يَتَصَرَّفْ في مِلْكِ غيرِه، فصَحَّ، كما لو لم يَنْوِهِ لغيرِه. إذا ثَبَتَ هذا، فعن أحمدَ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهما، الشِّرَاءُ لازِمٌ لِلْمُشْتَرِى. وهو الوَجْهُ الثاني لأصحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه اشْتَرَى في ذِمَّتِه بغير إِذْنِ غيرِه، فكان الشِّرَاءُ له، كما لو لم يَنْوِ غيرَه. والرِّوَايةُ الثانية، يَقِفُ على إِجَازَةِ المُوَكِّلِ، فإن أجَازَهُ لَزِمَهُ؛ لأنَّه اشْتَرَى له وقد أجَازَهُ، فلَزِمَهُ، كما لو اشْتَرَى بإِذْنِه، وإن لم يُجِزْهُ لَزِمَ الوَكِيلَ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَلْزَمَ المُوَكِّلَ، لأنَّه لم يَأْذَنْ في شِرَائِه، ولَزِمَ الوَكِيلَ؛ لأنَّ الشِّرَاءَ صَدَرَ منه، ولم يَثْبُتْ لغيرِه، فيَثْبُتُ في حَقِّه، كما لو اشْتَرَاهُ لِنَفْسِه. وهكذا الحُكْمُ في كلِّ من اشْتَرَى شيئًا في ذِمَّتِه لغيرِه بغيرِ إِذْنِه، سواءٌ كان وَكِيلًا للذى قَصَدَ الشِّرَاءَ له، أو لم يكُنْ وَكِيلًا له. فأمَّا إن اشْتَرَى بِعَيْنِ المالِ، مثل أن يقولَ: بِعْنِى الجارِيَةَ بهذه الدَّنَانِير. أو باعَ مالَ غيرِه بغيرِ إِذْنِه، فالصَّحِيحُ في المذهبِ أنَّ البَيْعَ باطِلٌ. وهو مذهبُ الشّافِعِىِّ. وفيه رِوَايَةٌ أُخْرَى أنَّه صَحِيحٌ، ويَقِفُ على إِجَازَةِ المالِكِ، فإنَّ لم يُجِزْهُ بَطَلَ، وإن أجَازَهُ صَحَّ؛ لِحَدِيثِ