للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْصَرِفُ إلى المَنْوِىِّ؛ لأنَّها نِيَّةٌ مُجَرَّدَةٌ، لا يَحْتَمِلُها اللَّفْظُ، فأشْبَهَ ما لو نَوَى ذلك بغيرِ يَمِينٍ.

١٨٢٨ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، رُجِعَ إِلَى سَبَبِ الْيَمِينِ ومَا هَيَّجَهَا)

وجملتُه أنَّه إذا عُدِمَت النِّيَّةُ، نَظَرْنا فى سبَبِ اليَمِينِ، وما أثارَها؛ لدلالَتِه على النِّيَّةِ، فإذا حَلَفَ لا يَأْوِى مع امْرَأَتِه فى هذه الدَّارِ، نَظَرْنا؛ فإنْ كان سَبَبُ يَمِينِه غَيْظًا من جِهَةِ الدَّارِ، لضَرَرٍ لحِقَه منها، أو مِنَّةٍ عليه بها، اخْتصَّتْ يَمِينُه بها، وإِنْ كان لِغَيْظٍ لَحِقَه من المَرْأَةِ يَقْتَضِى جَفاءَها، ولا أثَرَ للدَّارِ فيه، تَعَلَّقَ ذلك بإيوائِه معها فى كُلِّ دارٍ، وكذلك إذا حَلَفَ لا يلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِها، إن كان سَبَبُه المِنَّةَ عليه منها، فكيفما انْتَفَعَ به أو بِثَمَنِه حَنِثَ، وإِنْ كان سَبَب يَمِينِه خُشُونَةَ غَزْلِها ورَداءَتَهُ (١)، لم يَتَعَدّ يَمِينُه (٢) لُبْسَه، والخِلافُ فى هذه المَسْأَلَةِ كالخلافِ فى التى قَبْلَها، وقد دَلَّلْنا على تَعَلُّقِ (٣) اليَمِينِ بما نَواه، والسَّبَبَ دليلٌ على النِّيَّةِ، فيتَعَلَّقُ اليَمِينُ به، وقد ثَبَتَ أَنَّ كلامَ الشارِعِ إذا كان خاصًّا فى شىءٍ لسَبَبٍ عامٍّ، تَعَدَّى إلى ما وُجِدَ (٤) فيه السَّبَبَ، كتَنْصِيصِه على تَحْريمِ التَّفاضُلِ فى أعْيانٍ سِتَّةٍ، أثْبَتَ الحُكْمَ فى كُلِّ ما وُجِدَ (٤) فيه معناها، كذلك فى كلامِ الآدَمِىِّ مثلُه، فأمَّا إِنْ كان اللَّفْظُ عامًّا والسَّبَبُ (٥) خاصًّا، مثل مَن دُعِىَ إلى غَدإءٍ، فحلَفَ أَنْ (٦) لا يَتَغَدَّى، أو حَلَفَ أنْ (٦) لا يقعدَ، فإنْ كانت له نِيَّةٌ، فيَمِينُه على ما نَوَى، وإِنْ لم تكُنْ له نِيَّةٌ، فكلامُ أحمدَ يَقْتَضِى رِوايَتَيْن؛ إحداهُما، أَنَّ اليَمِينَ مَحْمولَةٌ على العُمومِ؛ لأَنَّ أحمدَ سُئِلَ عن رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ (٦) لا يَدْخُلَ بَلَدًا، لِظُلْمٍ راهُ فيه، فزالَ الظُّلْمُ؟ فقال: النَّذْرُ يُوفَى به. يَعْنِى لا يَدْخُلُه. ووَجْهُ ذلك أَنَّ لفْظَ الشارِعِ إذا كان عامًّا، لسَبَبٍ خاصٍّ، وجَبَ الأَخْذُ بعُمومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصوصِ السَّبَبِ، كذلك يَمِينُ الحالِفِ. وذكرَ القاضِى، فى مَن حَلَفَ على


(١) فى ب: "أو رداءته".
(٢) فى م: "بيمينه".
(٣) فى الأصل: "تعليق".
(٤) فى م: "يوجد".
(٥) فى م: "وللسبب".
(٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>