للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنِّى نَذَرْتُ [فى الجاهِلِيَّةِ] (٢٢) أَنْ أعْتكِفَ ليلةً فى المسجدِ الحرامِ. فقال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". مُتَّفَقٌ عليه (٢٣). ولأنَّ الصلاةَ فيها أفضلُ من غيرِها؛ بدليلِ قولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلَاةٌ فِى مَسْجِدِى هَذَا، خَيْر مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجدَ الْحَرَامَ" مُتَّفَقٌ عليه (٢٤). ورُوىَ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلَاةٌ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، بِمَائةِ أَلْفِ صَلَاةٍ" (٢٥). وإذا كان فَضِيلةً وقُرْبةً، لَزِمَ بالنَّذْرِ، كما لو نذَرَ طُولَ القِراءةِ. وما ذكرُوه يَبْطُلُ بالعُمْرةِ، فإنَّها تَلْزَم بنَذْرِها، وهى غيرُ واجبةٍ عندَهم.

فصل: وإذا نَذَرَ الصَّلاةَ فى المسجدِ الحرامِ، لم تُجْزِئْه الصلاةُ فى غيرِه؛ لأنَّه أفضلُ المساجدِ وخيرُها، وأكثرُها ثوابًا للمُصَلِّى فيها. وإن نَذَرَ الصلاةَ فى المسجدِ الأقْصَى، أجزأَته الصلاةُ فى المسجدِ الحرامِ؛ لِمَا رَوى جابرٌ، أَنَّ رجلًا قامَ يومَ الفتْحِ، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّى نَذَرْتُ إِنْ فتحَ اللَّه عليكَ أَنْ أُصَلِّىَ فى بيتِ المقْدس رَكْعتيْن. قال: "صَلِّ هَهُنَا". ثم أعادَ عليه، فقال: "صَلِّ هَهُنَا". ثم أعادَ عليه، قال: "صَلِّ هَهُنَا". ثم أعاد عليه، فقال: "شَأْنُكَ" روَاه أبو داودَ، وروَاه الإِمامُ أحمدُ، ولفظُه: "وَالَّذِى نفسِى بِيَدِهِ، لَوْ صَلَّيْتَ هَهُنَا لأَجْزَأ عَنْكَ كُلَّ صَلَاةٍ فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ" (٢٦). وإن نَذَرَ إتْيانَ المسجدِ الأَقْصَى، والصَّلاةَ فيه، أجزأَتْه الصلاةُ فيه، وفى مسجدِ المدينةِ؛ لأنَّه أفْضَلُ. وإِنْ نذرَ ذلك فى مسجدِ المدينةِ، لمْ يُجْزئْه فِعْلُه فى المسجدِ الأقْصَى؛ لأنَّه مَفْضولٌ. وقد سبقَ هذا فى بابِ الاعْتِكافِ (٢٧).

فصل: وإِنْ أَفسدَ الحجَّ المَنْذُورَ ماشِيًا، وجَبَ القَضاءُ ماشيًا؛ لأنَّ القضاءَ يكونُ على صِفَةِ الأَدَاءِ. وكذلك إِنْ فاتَه الحجُّ، لكنْ إن فاتَه الحجُّ، سقَطَ تَوابعُ الوُقوفِ، من


(٢٢) سقط من: م.
(٢٣) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٤٥٧.
(٢٤) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٤٩٣. ويضاف إليه: وأخرجه الترمذى، فى: باب فى فضل المدينة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٧٣. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى مسجد النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب القبلة. الموطأ ١/ ١٩٦.
(٢٥) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٤٩٤.
(٢٦) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٤٩٥.
(٢٧) تقدم فى: ٤/ ٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>