للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلَ إلى تَرْكِهِ، فجازَ أخْذُ ما تَنْدَفعُ به هذه (٢١) الحاجَةُ، بخِلافِ الدَّيْنِ، حتى نقولَ: لو صارَتِ النَّفَقَةُ ماضِيَةً، لم يكُنْ لها أخْذُها، ولو وَجَبَ لها عليه دَيْنٌ آخَرُ، لم يكُنْ لها أخْذُه. فعلَى هذا، إن أخَذَ شيْئًا، لزِمَهُ رَدُّهُ، إن كان باقِيًا، وإن كان تالِفًا، وجَبَ مِثْلُه إن كان مِثْلِيًّا، أو قيمَتُه إن كان مُتَقَوَّمًا، فإنْ كان مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ، تقاصَّا، وتساقَطَا، فى قياس المَذْهَبِ، وإن كان من غيرِ جِنْسِهِ، لَزمَه غُرْمُه، ومَنْ جَوَّزَ مِنْ أصْحابِنا الأَخْذَ، فإنَّه قال: إن وجَد (٢٢) جِنْسَ حَقِّهِ، جازَ له الأَخْذُ منه بقَدْرِ حَقِّه، مِنْ غيرِ زِيادَةٍ، وليسِ له الأَخْذُ من غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ بقُدْرَتِهِ على أخْذِهِ [مِن جِنْسِهِ] (٢٣)، وإن لم يَجِدْ إِلَّا من غَيْرِ جِنْسِ حَقِّه، فيَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ لهُ تَمَلُّكُهُ؛ لأنَّهُ لا يجُوزُ أن يَبِيعَهُ من نَفْسِهِ، وهذا يَبِيعُه من نَفْسِه، وتَلْحَقُهُ فيه تُهْمَةٌ. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ له ذلك، كما قالوا: الرَّهْنُ يُنْفَقُ عليه، إذا كان مَرْكوبًا، أو مَحْلوبًا، يُرْكَبُ، ويُحْلَبُ، بقَدْرِ النَّفَقَةِ، وهى من غير الجِنْسِ. واختلَفَ أصحابُ الشَّافِعِىِّ، فمنهم مَنْ جوَّز له هذا، ومنهم من قال: يُوَاطِئُ رجلًا يَدَّعِى عليه عندَ الحاكِمِ دَيْنًا، فيُقِرُّ له بمِلْكِ الشَّىءِ الذى أخذَه، فيَمْتَنِعُ مَنْ عليه الدَّعْوَى مِنْ قَضاء الدَّينِ، لِيَبيعَ الحاكِمُ الشَّىءَ المأخوذَ، ويدفَعَهُ إليه.

فصل: إذا ادَّعَى إنسانٌ على إنسانٍ حَقًا، وأقامَ به شاهِدَيْنِ، فلم يَعْرِفِ الحاكِمُ عدالتَهما، فسألَ حَبْسَ غَرِيمِهِ حتى تثْبُتَ عَدالةُ شُهودِهِ، أُجِيبَ إلى ذلِكَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ من المسلِمينَ العَدالَةُ، ولأنَّ الذى على الغَريِم قد أَتَى به، وإنَّما بَقِىَ ما على الحاكِمِ، وهو الكَشْفُ عن عدالَةِ الشُّهودِ. وإِنْ أقامَ شاهدًا واحدًا، وسألَ حَبْسَ غرِيمِهِ لِيُقيمَ شاهدًا آخرَ، وكان الحَقُّ ممَّا لا يثْبُتُ إلّا بشاهدَيْنِ، لِم يُحْبَسِ المُدَّعَى عليه؛ لِأنَّ البيِّنَةَ ما تمَّتْ، والحَبْسُ عذابٌ، فلا يَتَوَجَّهُ عليهِ (٢٤) دون تَمامِ البَيِّنَةِ. وإن كان الحَقُّ ممَّا يثْبُتُ بشاهِدٍ ويَمِينٍ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يُحْبَسُ له؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الواحِدَ حُجَّةٌ فى المالِ،


(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) فى م زيادة: "من".
(٢٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>