للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلامِ. والثانى، عليه نصفُ الدِّيَةِ وحُكومةٌ للرُّبُع الأشلِّ؛ لأنَّه لو كانَ جميعُه أشلَّ، لَكانتْ فيه حُكومةٌ أو ثُلُثُ الدِّيَةِ، فإذا كان بعضُه أشلَّ، ففى ذلك البعضِ حُكومةٌ أيضًا. الثالث، عليه ثلاثةُ أَرْباع الدِّيَةِ. وهذا الوجهُ الثَّانى لأصحابِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه قطَعَ ثلاثة أَرْباعِ لِسانِه، فذهب رُبعُ ونصفُ (١٧) كلامِه، فوجَبَتْ عليه ثلاثةُ أرباعِ الدِّيَةِ، كما لو قطَعَه أوَّلًا. ولا يَصِحُّ القولُ بأنَّ بعْضَه أشلُّ؛ لأنَّ العُضْوَ متى كان فيه بعضُ النَّفْعِ، لم يكُنْ بعضُه أشلَّ، كالعَيْنِ إذا كان بصرُها ضَعيفًا، واليَدِ إذا كان بطْشُها ناقصًا. وإن قَطَعَ نصفَ لسانِه، فذهبَ رُبْعُ كلامِه، فعليه نصفُ دِيَتِه، فإنْ قَطَعَ الآخَرُ بقيَّتَه، فعليه ثلاثةُ أَرْباع الدِّيَةِ. وهذا أحدُ الوَجْهينِ لأصْحابِ الشَّافعىِّ. والآخَرُ، عليه نصفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّه لم يقطَعْ إلَّا نصفَ لسانِه. ولَنا، أنَّه ذهبَ بثلاثةِ (١٨) أرْباعِ الكلامِ، فلزِمَه ثلاثةُ أرْباعِ دِيَتِه، كما لو ذهب ثلاثةُ أرْباعِ الكلام بقَطْعِ نصفِ اللِّسانِ الأوَّل، ولأنَّه لو أذْهَبَ ثلاثةَ أرْباعِ الكلامِ مع بَقاءِ اللِّسان، لَزِمَه ثلاثةُ أرباعِ الدِّيَةِ، فَلأَنْ تجبَ بقَطْعِ نصفِ اللِّسانِ (١٩) أَوْلَى، ولو لمْ يقْطَع الثَّانى نصفَ اللسانِ، لكنْ جَنَى عليه جنايةً أذهَبَتْ (٢٠) بقِيَّةَ كلامِه مع بَقاءِ لِسانِه، لَكانَ عليه ثلاثةُ أرباع دِيَتِه؛ لأنَّه ذهبَ بثلاثِةِ أرباعِ ما فيه الدِّيَةُ، فكان عليه ثلاثةُ أرْباعِ الدِّيَةِ، كما لو جَنَى على صحيحٍ، فذهبَ بثلاثةِ أرْباعِ كلامِه، مع بقاءِ لِسانِه.

فصل: وإذا قَطَعَ بعضَ لِسانهِ عَمْدًا، فاقْتَصَّ المَجْنِىُّ عليه من مِثْلِ ما جنَى عليه به، فذهبَ من كلام الجانى مثلُ ما ذهَبَ من كلامِ المجْنِىِّ عليه أو أكثرُ (٢١)، فقد اسْتَوْفَى حقَّه، ولا شىءَ في الزَّائدِ؛ لأنَّه من (٢٢) سِرَايةِ القَوَدِ، وسِرَايةُ القَوَدِ غيرُ


(١٧) سقط من: الأصل، م. وسقطت الواو من: ب.
(١٨) في ب، م: "ثلاثة".
(١٩) في م زيادة: "في الأول".
(٢٠) في ب، م: "أذهب".
(٢١) في م: "وأكثر".
(٢٢) في ب: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>