للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان أهْلًا لذلك، وصاحِبُ الضِّرْسِ أعْلَمُ بمَضَرَّتِه، ومَنْفَعَتِه (٢٤)، وقَدْرِ ألَمِه (٢٥).

فصل: ومن اسْتُؤْجِرَ على عَمَلٍ مَوْصُوفٍ في الذِّمّةِ، كخِيَاطةٍ، أو بِنَاءٍ، أو قَلْعِ ضِرْسٍ، فبَذَلَ الأجِيرُ نَفْسَه لِلعَمَلِ، فلم يُمَكِّنْه المُسْتَأْجِرُ، لم تَسْتَقِرَّ الأُجْرَةُ بذلك؛ لأنَّه عَقَدَ على المَنْفَعةِ من غيرِ تَقْدِيرٍ (٢٦)، فلم يَسْتَقِرّ بَدَلُها بالبَذْلِ، كالصَّدَاقِ لا يَسْتَقِرُّ بِبَذْلِ المَرْأةِ نَفْسَها. ويُفارِقُ حَبْسَ الدّابّةِ مُدَّةَ الإِجارَةِ؛ لأنَّ المنافِعَ تَلِفَتْ [تحت يَدِه] (٢٧)، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنا.

٩١٢ - مسألة؛ قال: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرّاعِى إذَا لَمْ يَتَعَدَّ)

لا نَعْلَمُ خِلَافًا في صِحَّةِ اسْتِئْجارِ الرّاعِي، وقد دَلَّ عليه قولُ اللَّه تعالى مُخْبِرًا عن شُعَيْبٍ، أنَّه قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (١). وقد عُلِمَ أنَّ موسَى عليه السلامُ، إنَّما آجَرَ نَفْسَه لِرِعَايةِ الغَنَمِ (٢). إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا ضَمانَ على الرَّاعِي فيما تَلِفَ من الماشِيَةِ، ما لم يَتَعَدَّ، ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا إلَّا عن الشَّعْبِيِّ؛ فإنَّه رُوِىَ عنه أنَّه ضَمَّنَ الرّاعِىَ. ولَنا، أنَّه مُؤْتَمَنٌ على حِفْظِها، فلم يَضْمَنْ من غيرِ تَعَدٍّ، كالمُودَعِ، ولأنَّها عَيْنٌ قَبَضَها بحُكْمِ الإِجَارَةِ، فلم يَضْمَنْها من غيرِ تَعَدٍّ، كالعَيْنِ المُسْتَأْجَرَةِ. فأمَّا ما تَلِفَ بِتَعَدِّيه، فيَضْمَنُه بغيرِ خِلَافٍ، مثل أن يَنَامَ عن السَّائِمةِ، أو يَغْفُلَ عنها، أو يَتْرُكَها تَتَباعَدُ منه، أو تَغِيبُ عن نَظَرِه وحِفْظِه، أو يَضْرِبَها (٣) ضَرْبًا يُسْرِفُ فيه، أو في غيرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ،


(٢٤) في الأصل: "نفعه".
(٢٥) في أ، م: "المدة".
(٢٦) في الأصل زيادة: "منفعة". وفي ب زيادة: "مدة".
(٢٧) في ب: "بيده".
(١) سورة القصص ٢٧.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(٣) في ب، م: "ضربها".

<<  <  ج: ص:  >  >>