للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُرِعَ لِلْجَبْرِ، فيَجْبُرُ (٢٣) نَقْصَ الصَّلَاةِ، وإن كَثُرَ، بدَلِيلِ السَّهْوِ مَرَّاتٍ من جِنْسٍ واحِدٍ، وإذا انْجَبَرَتْ لم يَحْتَجْ إلى جَابِرٍ آخَرَ فنقولُ: سَهْوَانِ. فأَجْزَأَ عنهما سُجُودٌ واحِدٌ، كما لو كانا مِن جِنْسٍ. وقوله: "لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ". في إسْنَادِه مَقالٌ. ثم إنَّ المُرَادَ به لِكُلِّ سَهْوٍ في صَلَاةٍ، والسَّهْوُ وإن كَثُر فهو داخِلٌ في لَفظِ السَّهْوِ؛ لأنَّه اسْمُ جِنْسٍ، فيكون التَّقْدِيرُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ فيها سَهْوٌ سَجْدَتَانِ. ولذلك قال: "لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بعد السَّلَامِ". هكذا في رِوَايَةِ أبى دَاوُدَ، ولا يَلْزَمُه بعد السَّلَامِ سُجُودانِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ مَعْنَى الجِنْسَيْنِ أن يكونَ أحَدُهما قبلَ السَّلَامِ، والآخَرُ بعدَه؛ لأنَّ مَحَلَّيْهِما مُخْتَلِفانِ، وكذلك سَبَبَاهما وأحْكَامهما. وقال بعضُ أصْحابِنا: الجِنْسان أن يكونَ أحدُهما من نَقْصٍ، والآخَرُ من زِيَادَةٍ. والأوْلَى ما قُلْنَاهُ إنْ شاء اللهُ تعالَى. فعلَى هذا إذا اجْتَمَعَا، سَجَدَ لهما قبل السَّلامِ؛ لأنَّه أسْبَقُ وآكَدُ؛ ولأنّ الذي قبلَ السَّلامِ قد وَجَبَ لِوُجُوبِ سَبَبِه، ولم يُوجَدْ قبلَه ما يَمْنَعُ وُجُوبَه، ولا يقومُ مقَامَه، فلَزِمَه الإِتْيَانُ به، كما لو لم يكُنْ عليه سَهْوٌ آخَرُ، وإذا سجد له، سَقَطَ الثَّانِى؛ لإِغْنَاءِ الأوَّل عنه، وقِيَامِه مَقامَه.

فصل: ولو أحْرَمَ مُنْفَرِدًا، فَصَلَّى رَكْعَةً، ثم نَوَى مُتابعةَ الإِمامِ، وقُلْنا بِجَوَازِ ذلك، فَسَهَا فيما انْفَرَدَ فيه، وسَهَا إمامهُ فيما تَابَعَه فيه، فإنَّ صَلاتَهُ تَنْتَهِى قبلَ صَلاةِ إمَامِه، فعلَى قَوْلِنا هما من جِنْسٍ واحدٍ إن كان مَحَلُّهما واحِدًا، وعلى قَوْلِ من فَسَّرَ الجِنْسَيْنِ بالزِّيَادَةِ والنَّقْصِ، يَحْتَمِلُ كَوْنُهما [من جِنْسَيْنِ] (٢٤). وهكَذا لَوْ صَلَّى من الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَةً، ودَخَلَ مع مُسَافِرٍ، فنَوَى مُتَابَعَتَه، فلمَّا سَلَّمَ إمامُه قام لِيُتِمَّ ما عليه، فقد حصَل مَأْمُومًا في وَسَطِ صَلَاتِه، مُنْفَرِدًا في طَرَفَيْها، فإذا سَهَا في الوَسَطِ والطَّرَفَيْنِ جميعًا، فعلَى قَوْلِنا، إن كانَ مَحَلُّ سُجُودِهِما واحِدًا فهى


(٢٣) في أ، م: "فجبر".
(٢٤) في الأصل: "من جنس واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>