للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَأْمُرُ بالغُسْلِ؟ (٦) ولو كان وَاجِبًا لَرَدَّهُ، ولم يَخْفَ على عثمانَ وعلى من حَضَرَ من الصَّحابَةِ، وحَدِيثُهُم مَحْمُولٌ على تَأْكِيدِ النَّدْبِ، ولذلك ذُكِرَ في سِيَاقِه: "وسِوَاكٌ، وأنْ يَمَسَّ طِيبًا". كذلك رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٧). والسّوَاكُ، ومَسُّ الطِّيبِ، لا يَجِبُ، ولما ذَكَرْنَا من الأَخْبَارِ، وقالت عائشةُ: كان النَّاسُ مِهْنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وكانوا يَرُوحُونَ إلى الجُمُعَةِ بِهَيْئَتِهِم، فتَظْهَرُ لهم رَائِحَةٌ، فَقِيلَ لهم: لو اغْتَسَلْتُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ بنحو هذا المَعْنَى (٨).

فصل: وَقْتُ الغُسْلِ بعدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، فمن اغْتَسَلَ بعدَ ذلك أجْزَأهُ، وإن اغْتَسَلَ قبلَه لم يُجْزِئْهُ، وهذا قولُ مُجاهِدٍ، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ. وحُكِىَ عن الأوْزَاعِىِّ أنَّه يُجْزِئُه الغُسْلُ قبلَ الفَجْرِ. وعن مالِكٍ: أنَّه لا يُجْزِئُه الغُسْلُ إلَّا أن يَتَعَقَّبَهُ الرَّواحُ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ" (٩). واليَوْمُ من طُلُوعِ الفجْرِ. وإن اغْتَسَلَ، ثم أَحْدَثَ، أجْزَأهُ الغُسْلُ، وكَفاهُ الوُضُوءُ. وهذا قولُ مُجَاهِدٍ، والحسنِ، ومالِكٍ، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ. واسْتَحَبَّ طَاوُسٌ، والزُّهْرِىُّ، وقَتَادَةُ، ويَحْيَى بن أبي كَثِيرٍ (١٠)، إعَادَةَ الغُسْلِ. ولَنا، أنَّه اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فدَخَلَ في عُمُومِ الخَبَرِ، وأَشْبَهَ مَن لم


(٦) تقدم تخريجه في صفحة ١٩٨.
(٧) انظر تخريج حديث "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وقد تقدم قبل قليل.
(٨) في: باب وجوب غسل الجمعة. . . . إلخ، من كتاب الجمعة. صحيح مسلم ٢/ ٥٨١. كما أخرجه البخاري، في: باب من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب، وباب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، من كتاب الجمعة، وفى: باب كسب الرجل وعمله بيده، من كتاب البيوع. صحيح البخاري ٢/ ٨، ٣/ ٧٤. وأبو داود، في: باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٥. والنسائي، في: باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى ٣/ ٧٦. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٦٣.
(٩) تقدم تخريجه في صفحة ١٦٥، ومثله في صفحة ٢٢٤.
(١٠) يحيى بن أبي كثير (صالح) الطائى مولاهم اليمامى، أدرك من الصحابة أنسا رضى اللَّه عنه، ثقة، من أصحاب الحديث، توفى سنة تسع وعشرين ومائة. تهذيب التهذيب ١١/ ٢٦٨ - ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>