للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهْرِ كالثُّلُثِ أو الرُّبُعِ، جَازَ، وكان بَيْعًا لِلْقَرَارِ، والماءُ تَابعٌ له. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ الصُّلْحُ على السَّقْىِ من نَهْرِه وقَنَاتِه؛ لأنَّ الحَاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك، والماءُ مما يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه فى الجُمْلَةِ، بِدَلِيلِ ما لو أخَذَهُ فى قِرْبَتِه أو إِنَائِه، ويجوزُ الصُّلْحُ على مالا يجوزُ بَيْعُه؛ بِدَلِيلِ الصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ وأشْبَاهِه، والصُّلْحِ على المَجْهُولِ (٦٨).

فصل: ولا يَصِحُّ الصُّلْحُ على ما لا يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه، مثل أن يُصَالِحَ امْرَأةً لِتُقِرَّ له (٦٩) بالزَّوْجِيَّةِ؛ لأنَّه صُلْحٌ يُحِلُّ حَرَامًا، ولأنَّها لو أرادَتْ بَذْلَ نَفْسِها بِعِوَضٍ لم يَجُزْ. وإن دَفَعَتْ إليه عِوَضًا عن هذه الدَّعْوَى لِيَكُفَّ عنها، ففيه وَجْهَانِ؛ أحدُهما، لا يَجُوزُ؛ لأنَّ الصُّلْحَ فى الإنْكَارِ إنَّما يكون فى حَقِّ المُنْكِرِ لافْتِدَاءِ اليَمِينِ، وهذه لا يَمِينَ عليها، وفى حَقِّ المُدَّعِى بِأخْذِ العِوَضِ فى مُقَابَلَةِ حَقِّه الذى يَدَّعِيه، وخُرُوجُ البُضْعِ من مِلْكِ الزَّوْجِ لا قِيمَةَ له، وإنَّما أُجِيزَ الخُلْعُ للحَاجَةِ إلى افْتِدَاءِ نَفْسِهَا. والثاني، يَصِحُّ، ذَكَرَهُ أبو الخَطَّابِ وابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَ المُدَّعِىَ يَأْخُذُ عِوَضًا عن حَقِّه من النِّكَاحِ، فجازَ كعِوَض الخُلْعِ، والمَرْأةُ تَبْذُلُه لِقَطْعِ خُصُومَتِه وإزَالَةِ شَرِّه، وَرُبَّمَا تَوَجَّهَتِ اليَمِينُ عليها لكَوْنِ الحاكِمِ يَرى ذلك، [أو لأنَّها مَشْرُوعَةٌ فى حَقِّها فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ] (٧٠)، ومتى صَالَحَتْهُ على ذلك، ثم (٧١) ثَبَتَتِ الزَّوْجِيَّةُ بإِقْرَارِهَا أو بِبَيِّنَةٍ، فإن قُلْنا: الصُّلْحُ بَاطِلٌ. فالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِه؛ لأنَّه لم يُوجَدْ من الزَّوْجِ طَلَاقٌ ولا خُلْعٌ. وإن قُلْنا: هو صَحِيحٌ. احْتَمَلَ ذلك أيضا؛ [لذلك، واحْتَمَلَ] (٧٢) أن تَبِينَ منه بأَخْذِ العِوَضِ؛ لأنَّه أخَذَ العِوَضَ عمَّا يَسْتَحِقُّه من نِكَاحِها، فكان خُلْعًا، كما لو أَقَرَّتْ له بالزَّوْجِيَّةِ فخَالَعَها (٧٣). ولو ادَّعَتْ أن زَوْجَها طَلَّقَها ثلاثا، فصالَحَها على مَالٍ لِتَنْزِلَ عن


(٦٨) فى ب زيادة: "عوضا بالأصل".
(٦٩) سقط من: أ، م.
(٧٠) سقط من: ب، وفى: أ، م: "ولأنها، مكان: "أو لأنها".
(٧١) سقط من: م.
(٧٢) فى أ، ب، م: "ولذلك احتمل".
(٧٣) فى ب مكان هذا: "أو لأنها مشروعة فى إحدى الروايتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>