للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَبِعَهُ رَجُلٌ، فقال: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّما صَلَّيتَ رَكْعَةً. قال: هو تَطَوُّعٌ، فمن شَاءَ زَادَ، ومن شَاءَ نَقَصَ. ولَنا، أنَّ هذا خِلَافُ قَوْلِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى". ولأنَّه يَرِدِ الشَّرْعُ بمثْلِه، والأحْكَامُ إنَّما تُتَلَقَّى من الشَّارِعِ، إمَّا مِن نصِّه، أو مَعْنَى نصِّه، وليس ههُنا شَىْءٌ من ذلك.

فصل: والتَّطَوُّعَاتُ قِسْمَانِ؛ أحَدُهُما، ما تُسَنُّ له الجماعةُ، وهو صَلاةُ الكُسُوفِ والاسْتِسْقَاءِ والتَّراوِيحِ، ونَذْكُرُها، إن شاءَ اللهُ، في مَوَاضِعِها. والثانى، ما يُفْعَلُ على الانْفِرَادِ، وهى قِسْمَانِ؛ سُنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ، ونَافِلَةٌ مُطْلَقَةٌ، فأمَّا المُعَيَّنَةُ فَتَتَنَوَّعُ أنْوَاعًا؛ منها، السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ مع الفَرَائِضِ، وهى عَشْرُ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَانِ قبل الظُّهْرِ، ورَكْعَتَانِ بعدَها، ورَكْعَتَانِ بعدَ المَغْرِبِ، ورَكْعَتَانِ بعدَ العِشَاءِ، ورَكْعَتَانِ قبلَ الفَجْرِ. وقال أبو الخَطَّابِ: وأَرْبَعٌ قبل العَصْرِ؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ قال: قال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَحِمَ اللَّه امْرَأً صَلَّى قبلَ العَصْرِ أرْبَعًا". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٨). وقال الشَّافِعِىُّ: قبل الظُّهْرِ أَرْبَعٌ؛ لما رَوَى عبدُ اللهِ بنُ شَقِيقٍ، قال: سألتُ عائشةَ عن صلاةِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالتْ: كان يُصَلِّى في بَيْتِه قبلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثم يَخْرُجُ فَيُصَلِّى بالنَّاسِ، ثم يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، وكان يُصَلِّى بالناسِ المَغْرِبَ، ثم يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، ثم يُصَلِّى بالناسِ العِشَاءَ ويَدْخُلُ بَيْتِى، فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٩). ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: حَفِظْتُ عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَشْرَ رَكَعَاتٍ؛ رَكْعَتَيْنِ قبلَ الظُّهْرِ، ورَكْعَتَيْنِ بعدَها، ورَكْعَتَيْنِ بعدَ المَغرِبِ في بَيْتهِ، ورَكْعَتَيْنِ بعدَ العِشَاءِ في بَيْتهِ، ورَكْعَتَيْنِ قبلَ الصُّبْحِ، كانتْ ساعةً لا يُدْخَلُ علَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها، حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ، أنَّه


(٨) في: باب الصلاة قبل العصر، من كتاب التطوع. سنن أبي داود ١/ ٢٩٢. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الأربع قبل العصر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٢٢٣. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١١٧.
(٩) في: باب جواز النافلة قائما وقاعدا. . . إلخ من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٠٤. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>