للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَدَّ (٨). وقال مَعْمَرٌ: إنَّ عمرَ كان يَجْلِدُ الحَدَّ في التَّعْرِيضِ. ورَوَى الأثْرَمُ، أنَّ عثمانَ جلدَ رَجُلًا قال لآخَرَ: يا ابنَ شامَّةِ الوَذْرِ. يُعَرِّضُ له بِزِنَى أُمِّه. والوَذْرُ: قِدْرُ اللَّحْمِ (٩). يُعَرِّضُ له (١٠) بكَمَرِ الرِّجالِ. ولأنَّ الكنايةَ مع القَرِينةِ الصَّارِفَةِ إلى أحَدِ مُحْتَمِلاتِها، كالصَّرِيحِ الذي لا يَحْتَمِلُ إلَّا ذلك المعنَى، ولذلك وقعَ الطلاقُ بالكنايةِ، فإن لم يكُنْ ذلك في حالِ الخُصومَةِ، ولا وُجِدَتْ قرينةٌ تَصْرِفُ إلى القَذْفِ، فلا شَكَّ في أنه لا يكونُ (١١) قَذْفًا. وذكرَ أبو الخَطَّابِ من صُوَرِ التَّعرِيضِ، أن يقولَ لزوجةِ آخَرَ: قد فضَحْتِه، وغَطَّيْتِ رأسَه، وجعَلْتِ له قُرونًا، وعلَّقْتِ عليه أولادًا من غيرِه، وأفْسَدْتِ فِراشَه، ونكَسْتِ رأسَه. وذكرَ في جميعِ ذلك رِوايَتَيْنِ. وذكرَ أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ، أنَّ أبا عبدِ اللَّه رَجَعَ عن القَوْلِ بوُجوبِ الحَدِّ في التَّعْرِيضِ.

فصل: وإن قال لرجُلٍ: يا دَيُّوثُ، يا كَشْخَانُ. فقال أحمدُ: يُعَزَّرُ. قال إبراهيمُ الحَرْبِىُّ: الدَّيُّوثُ الذي يُدْخِلُ الرِّجَالَ على امرأتِه. وقال ثعلبُ: القَرْطَبَانُ الذي يَرْضَى أن يَدْخُلَ الرِّجَالُ على نِسَائِه (١٢). وقال: القَرْنَانُ والكَشْخَانُ، لم أَرَهُما في كلامِ العربِ، ومعناه عندَ العامَّةِ مثلُ معنى الدَّيُّوثِ أو قريبًا منه. فعلى القاذِفِ به التَّعْزِيرُ، على قياسِ قولِه في الدَّيُّوثِ؛ لأنَّه قَذَفَهُ بما لا حَدَّ فيه. وقال خالدُ بنُ يزيدَ، عن أبيه، في الرجُلِ يقولُ للرجلِ: يا قَرْنَانُ: إذا كان له أخَواتٌ أو بناتٌ في الإِسلام، ضُرِبَ الحَدَّ. يعني أنَّه قاذِفٌ لَهُنَّ. وقال خالدٌ، عن أبيه: القَرْنَانُ عندَ العامَّةِ: مَن له بناتٌ. والكَشْخَانُ: مَنْ له أخَواتٌ. يعني - واللهُ أعلَمُ - إذا كان يُدْخِلُ الرِّجالَ عليهنَّ.


(٨) أخرجه الإِمام مالك، في: باب الحد في القذف والنفى والتعريض، من كتاب الحدود. الموطأ ٢/ ٨٢٩، ٨٣٠. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ٢٠٩. والبيهقي، في: باب الحد في التعريض، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٥٢.
(٩) والوذر: قطع اللحم الصغيرة.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) في ب، م: "يجوز".
(١٢) في م: "امرأته".

<<  <  ج: ص:  >  >>