للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كرامَتِها. لا يتعلَّقُ على شَرْطٍ، فيدلُّ (١٨) على أنَّه إنَّما أرادَ الظِّهارَ، ووُقُوعُ ذلك فى حالِ الخُصُومَةِ والغضبِ، دليلٌ على أنَّه أرادَ به ما يتعلَّقُ بأذاها، ويُوجِبُ اجْتنابَها، وهو الظِّهارُ. وإِنْ عُدِمَ هذا فليس بظِهارٍ؛ لأنَّه مُحْتَمِلٌ لغيرِ الظِّهارِ احتمالًا كثيرًا، فلا يَتَعَيَّنُ الظِّهارُ فيه بغير دليلٍ. ونحوُ هذا قولُ أبى ثَوْرٍ. وهكذا لو قال: أنتِ علىَّ كأُمِّى، أو: مثلُ أُمِّى. أو قال: أنتِ أُمِّى، أو: امرأتى أُمِّى. مع الدَّليلِ الصَّارِفِ له إلى الظِّهارِ، كان ظِهارًا؛ إمَّا بِنِيَّةٍ، أو ما يَقُومُ مَقامَها. وإن قال: أُمِّى امرأتِى. أو: مثلُ امرأتِى. لم يكُنْ ظِهارًا؛ لأنَّه تَشْبِيهٌ لأُمِّه، ووَصْفٌ لها، وليس بوَصْفٍ لامرأتِه.

الفصل الثالث: أنَّه إذا قال: أنتِ علىَّ حرامٌ. فإنْ نَوَى به الظِّهارَ، فهو ظهارٌ، فى قول عامَّتِهم. وبه يقول أبو حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىُّ. وإِنْ نَوَى به الطَّلاقَ، فقد ذكرناه فى باب الطَّلاقِ (١٩)، وإن أطْلَقَ ففيه روايتان؛ إحْداهما، هو ظهارٌ. ذكره الْخِرَقِىُّ فى مَوْضِعٍ آخرَ. ونصَّ عليه أحمدُ، فى رواية جماعةٍ مِن أصحابِه. وذكرَه إبراهيمُ الحَرْبِىُّ، عن عثمانَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبى قِلَابةَ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومَيْمُونَ بنِ مِهْرانَ، والْبَتِّىِّ، أنَّهم قالوا: الحرامُ ظهارٌ. وروى عن أحمدَ ما يدُلُّ على أَنَّ التَّحْرِيمَ يَمِينٌ. ورُوِىَ عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّه قال: إنَّ التَّحرِيمَ يمينٌ فى كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٢٠). وأكثرُ الفقهاءِ على أَنَّ التَّحريمَ إذا لم يَنْوِ به الظِّهارَ، ليس بظهارٍ. وهو قولُ مالِكٍ، وأبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ووَجْهُ ذلك الآيةُ المذكورةُ، وأنَّ التَّحريمَ يتنوَّعُ، منه ما هو بظهارٍ وبطلاقٍ وبحيضٍ وبإحْرامٍ (٢١) وصيامٍ، فلا يكونُ التَّحْريمُ صَرِيحًا فى واحدٍ منها، ولا


(١٨) فى أ، ب: "يدل".
(١٩) تقدم فى: ١٠/ ٣٩٧.
(٢٠) سورة التحريم ١، ٢.
وانظر ما أخرجه الدارقطنى، فى: كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره. سنن الدارقطنى ٤/ ٤٠. وانظر أيضًا ما تقدم فى: ١٠/ ٣٩٨.
(٢١) فى م: "وإحرام".

<<  <  ج: ص:  >  >>