للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخِلُّ بمَقْصُودِ الكِتابةِ، وهو العِتْقُ بها. ويمكنُ وجودُ سِرَايةِ العِتْقِ مِن غيرِ ضَرَرٍ، بأنْ يُكاتِبَه على مِثْلَىْ قِيمَتِه، فإذا عَتَقَ عليه، غَرِمَ لشَرِيكِه نِصْفَ قِيمَتِه، وسَلَّمَ له باقِىَ المال، وحَصَلَ له وَلاءُ العبدِ، ولا ضَرَرَ فى هذا. ثم لو كان فيه ضَرَرٌ، لكنْ قد رَضِىَ به [حينَ كِتابَتِه على أمَلَّ ممَّا كاتَبَه به شَرِيكُه، والضَّرَرُ المَرْضِىُّ به] (٢٧) مِن جِهَةِ المَضْرُورِ لا عِبْرَةَ به، كما لو باشَرَه (٢٨) بالعِتْق، أو أبْرَأهُ مِن مالِ الكِتابةِ، فإنَّه يَعْتِقُ عليه، ويَسْرِى عِتْقُه، ويَغْرَمُ لشَرِيكِه، وهو جائِزٌ، فهذا أوْلَى بالجَوازِ. ولا يجوزُ أن يَخْتَلِفَا فى التَّنْجِيمِ، ولا فى أن يكون لأحَدِهما فى النُّجُومِ قبلَ النَّجْمِ الأخيرِ أكثرُ من الآخَرِ. فى أحَدِ الوَجْهَينِ؛ لأَنَّه لا يجوزُ أن يُؤَدِّىَ إليهما إِلَّا على السَّواءِ، ولا يجوزُ تقديمُ أحَدِهما بالأدَاءِ على الآخَرِ، واخْتِلافُهما فى مِيقَاتِ النُّجُومِ، وقَدْرِ المُؤَدَّى فيهما، يُفْضِى إلى ذلك. والثانى، يجوزُ؛ لأَنَّه يُمْكِنُ أَنْ يُعَجِّلَ لمن تأَخَّرَ نَجْمُه قبلَ مَحَلِّه، ويُعْطِى مَنْ قَلَّ نَجْمُه أكثرَ من الواجِبِ له، ويُمْكِنُ أَنْ يَأْذَنَ له أحَدُهما فى الدَّفْعِ إلى الآخَرِ قبلَه، أو أكثرَ منه، ويُمْكِنُ أن يُنْظِرَه مَنْ حَلَّ نَجْمُه، أو يَرْضَى مَنْ له الكثيرُ بأَخْذِ دُونَ حَقِّه، وإذا أمْكَنَ إفْضاءُ العَقْدِ إلى مَقْصُودِه، فلا نُبْطِلُه باحْتمالِ عَدَمِ الإِفْضاءِ إليه.

فصل: وليس للمُكاتَبِ أَنْ يُؤَدِّىَ إلى أحَدِهما أكثرَ من الآخَرِ، ولا يُقَدِّمَ أحَدَهُما على الآخَرِ. ذكَرَه القاضى. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ. ولا أعْلُم فيه خِلافًا؛ لأنَّهما سَواءٌ فيه، فيَسْتَوِيانِ فى كَسْبِه، وحَقُّهُما مُتَعَلِّقٌ بما فى يَدِه تَعَلُّقًا واحدًا، فلم يَكُنْ له أَنْ يَخُصَّ أحَدَهما بشىءٍ منه دُونَ الآخَرِ، ولأنَّه ربَّما عَجَزَ، فيَعُودُ إلى الرِّقِّ، ويتَساوَيانِ فى كَسْبِه، فيَرْجعُ أحَدُهما على الآخَرِ بما فى يَدِه من الفَضْل بعدَ انْتِفاعِه به مُدّةً. فإن قَبَضَ أحَدُهما دُونَ الآخَرِ شيئًا، لم يَصِحَّ القَبْضُ، وللآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ منه (٢٩) حِصَّتَه إذا لم يَكُنْ أَذِنَ فى القَبْضِ، وإِنْ أذِنَ فيه، ففيه وَجْهان، ذكَرَهما أبو بكرٍ؛ أحدهما، يَصِحُّ؛ لأنَّ المَنْعَ لحَقِّه، فجاز بإذْنِه، كما لو أذِنَ المُرْتَهِنُ للراهِنِ فى التَّصَرُّفِ فمِه، أو أذِنَ البائِعُ للمُشْتَرِى فى قَبْضِ المَبِيعِ (٣٠) قبلَ تَوْفِيَةِ ثَمَنِه، أو أذِنَا للمُكاتَبِ فى التَّبَرُّعِ، ولأنَّهما لو أذِنَا له فى


(٢٧) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٢٨) فى الأصل: "باشر".
(٢٩) فى ب، م: "من".
(٣٠) فى ب، م: "البيع".

<<  <  ج: ص:  >  >>