للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْخِلَ سَبَّابَتَيْه في صِمَاخَىْ أُذُنَيْه، ويَمْسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْه بإبْهامَيْه (٤٢). ولا يَجِبُ مَسْحُ ما اسْتَتَرَ بالغَضَارِيفِ؛ لأنَّ الرَأسَ الذي هو الأَصْلُ لا يَجِبُ مَسْح ما اسْتَتَرَ منه بالشَّعْرِ، والأُذُنُ أَوْلَى.

٢٩ - مسألة؛ قال: (وغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إلى الكَعْبَيْن، وهما العَظْمانِ الناتِئَانِ)

غَسْلُ الرِّجْلَيْن واجِبٌ في قَوْلِ أَكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وقال عَبْدُ الرَّحْمن بنُ أَبِى لَيْلَى (١): اجْتَمَعَ (٢) أصْحابُ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى غَسْلِ القَدَمَيْنِ. ورُوِىَ عن عَلِىٍّ، أنه مَسَحَ على نَعْلَيْه وقَدَمَيْه، ثم دَخَل المَسْجِدَ فخَلَع نَعْلَيْه، ثم صَلَّى. وحُكِىَ عن ابنِ عَبَّاس أنه قال: ما أجِدُ في كِتابِ اللهِ إلا غَسْلَتَيْن ومَسْحَتَيْن. ورُوِىَ عن أنسِ بنِ مالِكٍ أنه ذُكِرَ له قَوْلُ الحَجَّاجِ: اغْسِلُوا القَدَمَيْنِ ظاهِرَهُما وباطِنَهُما، وخَلِّلُوا ما بين الأَصَابِعِ، فإنَّه ليس شيءٌ من ابْنِ آدَمَ أقْرَبَ إلى الخَبَثِ مِنْ قَدَمَيْه. فقال أنَس: صَدَقَ اللهُ، وكذَب الحَجَّاجُ. وتَلَا هذه الآية: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (٣). وحُكِىَ عن الشَّعْبِىِّ أنه قال: الوُضُوءُ مَغْسُولان ومَمْسُوحان، فالمَمْسُوحان يَسْقُطان في التَّيَمُّمِ.

ولم نعلَمْ مِنْ فُقَهاءِ المُسْلمِين مَنْ يَقُولُ بالمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ ما (٤) ذَكَرْنا، إلَّا ما حُكِىَ عن ابنِ جَرِيرٍ. أنه قال: هو مُخَيَّرٌ بين المَسْحِ والغَسْلِ (٥)، واحْتَجَّ


(٤٢) في الأصل: "براحتيه".
(١) أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفى الإمام الحافظ، كان أصحابه يعظمونه كأنه أمير، توفى سنة اثنتين وثمانين وقيل سنة ثلاث. سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٦٢ - ٢٦٧.
(٢) في م: "أجمع".
(٣) سورة المائدة ٦.
(٤) في م: "من".
(٥) نص عبارة الطبري: "فإذا كان المسح المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحا بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد، أن مراد اللَّه من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح، فبَيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعا، أعنى النصب في الأرجل والخفض؛ لأن في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلُهما، وفى إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما، فوجه صواب قراءة من قرأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>