للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخبار في الفصْلِ الذي قبلَه، ولأنَّه تابِعٌ لهُ، فلا يَنْبَغِى أنْ يَسْبِقَه، كما في تَكْبِيرَةِ الإِحرامِ. فإنْ سَبَقَ إمامَه فعليهِ أنْ يَرفَعَ ليأْتِىَ بذلِكَ مُؤْتَمَّا بإِمامِه، وقد رُوِىَ عن عمرَ، أنَّه قال: إذا رَفع أحدُكمْ رأسهُ، والإِمامُ ساجدٌ، فليَسْجُدْ، وإذا رفعَ الإِمامُ رَأْسَه (١٠) فليَمْكُثْ مَا رَفَعَ. فإنْ لم يَفْعَل حتَّى لَحِقَهُ الإِمامُ سهوًا أوْ جَهْلًا، فلا شىءَ عليه؛ لأنَّ هذا سَبْقٌ يَسِيرٌ. وإنْ سَبَقَ إمامَهُ عَمْدًا عالمًا بتَحْرِيمِهِ، فقال أحمدُ في رسَالَتِهِ (١١): ليس لمَنْ سَبَقَ الإِمامَ صلاةٌ، لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا يَخْشَى الَّذِى يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهَ رَأْسَ حِمَارٍ" (١٢). ولو كانتْ له صلاةٌ لرَجَا له الثَّوَابَ، ولم يَخْشَ عليه العِقَاب. وعن ابن مسعودٍ، أنه نَظَرَ إلى منْ سَبَقَ الإِمامَ، فقالَ: لا وحْدَكَ صَلَّيْتَ، وَلا بإمامِكَ اقْتَدَيْتَ، وعن ابنِ عمرَ نحوٌ من ذلك، قال: وأمَرَهُ بالإِعَادَةِ. ولأنَّه لم يَأْتِ بالرُّكْنِ مُؤْتَمًّا بإمامِه. فأشْبَهَ ما لو سَبَقَه بتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ أو السَّلامِ. وقالَ ابن حامدٍ: في ذلكَ وجْهانِ. قالَ القاضي: عندى أنَّه تَصِحُّ صلاتُهُ؛ لأنَّه اجتمعَ معه في الرُّكْنِ، فصَحَّتْ صلاتُهُ، كما لو رَكَعَ (١٣) معهُ ابْتِدَاءً.

فصل: فإنْ رَكعَ ورفعَ قبلَ ركُوعِ إمامِه. فقال أبو الخَطَّاب: إنْ فَعَلَهُ عَمْدًا فهل تَبْطُلُ صلاتُهُ؟ على وَجْهَيْنِ؛ لِأنَّه سَبَقَهُ بِرُكْنٍ واحدٍ، فأشْبَهَ ما لو رَكَعَ قبلهُ حَسْبُ. وإنْ فَعَلَهُ سهوًا فَصَلَاتُهُ صحيحَةٌ. وهلْ يُعْتَدُّ بتلْكَ الرَّكْعَةِ؟ فيهِ رِوَايَتَانِ.


= الإمامة. المجتبى ٢/ ٧٥. وابن ماجه، في: باب النهى أن يسبق الإمام بالركوع والسجود، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٠٨. والدارمى، في: باب النهى عن مبادرة الأئمة بالركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٠٢. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٦٠، ٢٧١، ٤٢٥، ٤٥٦، ٤٦٩، ٤٧٢، ٥٠٤.
(١٠) في م: "برأسه".
(١١) الرسالة السنية. انظر: مجموعة الحديث النجدية ٤٤٦.
(١٢) هو الذي تقدم منذ قليل.
(١٣) في م: "رفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>