للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ بالعَقْدِ (٣) يَمْلِكُ مَنافِعَها، ويَسْتَحِقُّ زَوْجُها مَنْعَها من حَضانَتِه، فزال حَقُّها، كما لو دَخَلَ بها.

الفصل الثاني: أنَّ الأُمَّ إذا عُدِمَتْ، أو تزَوَّجَتْ، أو لم تكُنْ من أهلِ الحضانةِ، واجتمعَتْ أمُّ أبٍ وخالةٌ، فأمُّ الأبِ أحَقُّ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ في الجديدِ. وحُكِىَ ذلك عن مالكٍ، وأبى ثَوْرٍ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ الأُخْتَ والخالةَ أحَقُّ من الأبِ. فعلى هذا، يَحْتَملُ أن تكونَ الخالةُ أحَقَّ من أُمِّ الأبِ. وهو قولُ الشافعىِّ القديمُ؛ لأنَّها تُدْلِى بأُمٍّ، وأُمُّ الأبِ تُدْلِى به (٤)، فقُدِّمَ مَنْ يُدْلِى بالأُمِّ، كتَقْدِيم أُمِّ الأمِّ على أمِّ الأبِ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى ببِنْتِ حمزةَ لخالَتِها، وقال: "الْخَالَةُ أُمٌّ". ولَنا، أنَّ أُمَّ الأبِ جَدّةٌ وارِثةٌ، فقُدِّمَتْ على الخالةِ، كأُمِّ الأُمِّ، ولأنَّ لها وِلادةً ووِراثةً، فأشْبهَتْ أُمَّ الأُمِّ. فأمَّا الحديثُ، فيَدُلُّ على أن للْخالةِ حَقًّا في الجملةِ، وليس النِّزاعُ فيه، إنَّما النِّزاعُ في التَّرْجيحِ عندَ الاجْتماعِ. وقولُهم: تُدْلِى بأُمٍّ. قُلْنا: لكنْ لا وِلادةَ لها، فيُقَدَّمُ عليها مَنْ له ولادةٌ، كتَقْدِيم أُمِّ الأُمِّ على الخالةِ. فعلى هذا، متى وُجِدَتْ جَدَّةٌ وارِثةٌ، فهى أوْلَى ممَّن هو من غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ بكلِّ حالٍ وإن عَلَتْ دَرَجَتُها؛ لفضيلةِ الوِلادةِ والوِرَاثةِ، فأمَّا أُمُّ أبى الأُمِّ، فلا حَضانةَ لها؛ لأنَّها تُدْلِى بأبِى الأُمِّ، ولا حَضانةَ له (٤)، ولا لمنْ (٥) أَدْلَى به.

فصل: فإن اجْتمَعتْ أُمُّ أمٍّ وأمُّ أبٍ، فأُمُّ الأُمِّ أحَقُّ، وإن عَلَتْ دَرَجَتُها؛ لأنَّ لها وِلادةً، وهى تُدْلِى بالأُمِّ التي تُقَدَّمُ على الأبِ، فوَجَبَ تقدِيمُها عليها، كتَقْديمِ الأُمِّ على الأبِ. وعن أحمدَ أنَّ أُمَّ الأبِ أحَقُّ. وهو قياسُ قول الْخِرَقِىِّ؛ لأنَّه قَدَّمَ خالةَ الأبِ على خالةِ الأُمِّ، وخالةُ الأَبِ أُخْتُ أُمِّه، وخالةُ الأُمِّ أخْتُ أُمِّها، فإذا قَدَّمَ


(٣) في ب: "العقد".
(٤) سقط من: ب.
(٥) في أ، م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>