للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوْبًا، فَلَبِسَه حتَّى أَبْلاه وأتْلَفَه، فإنَّه يَضْمَنُ القِيمَةَ والمَنْفَعَةَ، كذا هاهُنا.

فصل: وإن وَلَدَتْ كان وَلَدُها حُرًّا؛ لأنَّه وَطِئَها بِشُبْهَةٍ. ويَلْحَقُ به النَّسَبُ لذلك، ولا وَلَاءَ عليه؛ لأنَّه حُرُّ الأصْلِ، وعلى الواطِئ قِيمَتُه يومَ وَضْعِه؛ لأنَّه يَوْمُ الحَيْلُولَةِ بينه وبين صاحِبِه، فإن سَقَطَ مَيْتًا، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه إنَّما يَضْمَنُه حين وَضَعَه، ولا قِيمَةَ له حِينَئِذٍ. فإن قيل: فلو ضَرَبَ بَطْنَها فألْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وَجَبَ ضَمانُه. قُلْنا: الضَّارِبُ يَجِبُ عليه غُرَّةٌ، وهاهُنا يَضْمَنُه بِقِيمَتِه، ولا قِيمَةَ له، ولأنَّ الجانِىَ أتْلَفَه، وقَطَعَ نَماءَه، وهاهنا يَضْمَنُه بالحَيْلُولَةِ بينه وبن سَيِّدِه، وَوَقْتُ الحَيْلُولَةِ وَقْتُ السُّقُوطِ، وكان مَيِّتًا، فلم يَجِبْ ضَمانُه، وعليه ضَمانُ نَقصِ الوِلادَةِ. وإن ضَرَبَ بَطْنَها أجْنَبِيٌّ فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلى الضَّارِبِ غُرَّةٌ، عَبْدٌ أو أمَةٌ، لِلسَّيِّدَ منها أقَلُّ الأمْرَيْنِ من أرْشِ الجَنِينِ، أو قِيمَتِه يومَ سَقَطَ؛ لأنَّ ضَمانَ (٢٦) الضَّارِبِ له قامَ مقامَ خُرُوجِه حَيًّا، ولذلك ضَمِنَه البائِعُ. وإنَّما كان لِلسَّيِّدِ أقَلُّ الأمْرَيْنِ؛ لأنَّ الغُرَّةَ إن كانت أكْثَرَ من القِيمَةِ، فالباقِى منها لِوَرَثَتِه؛ لأنَّه حَصَلَ بالحُرِّيَّةِ، فلا يَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ منها شَيْئًا. وإن كانت أقَلَّ، لم يكنْ على الضَّارِبِ أَكْثَرُ منها؛ لأنَّه بِسَبَبِ ذلك ضَمِنَ. وإن ضَرَبَ الواطِىءُ بَطْنَها، فألْقَتِ الجَنِينَ مَيِّتًا، فَعَليه الغُرَّةُ أيضًا، ولا يَرِثُ منها شَيْئًا، ولِلسَّيِّدِ أقَلُّ الأمْرَيْنِ كما ذَكَرْنا. وإن سَلَّمَ الجارِيَةَ المَبِيعَةَ إلى البائِعِ حامِلًا، فوَلَدَتْ عندَه، ضَمِنَ نَقْصَ الوِلادَةِ، وإن تَلِفَتْ بذلك ضَمِنَها؛ لأنَّ تَلَفَها بِسَبَبٍ منه. وإن مَلَكَها الواطِئُ، لم تَصِرْ بذلك أُمَّ وَلَدٍ، على الصَّحِيحِ من المَذْهَبِ؛ لأنَّها عَلِقَتْ منه فى غيرِ مِلْكِه، فأشْبَهَ الزَّوْجَةَ. وهكذا كلُّ مَوْضِعٍ حَبِلَتْ فى مِلْكِ غيرِه، ولا تَصِيرُ له أُمَّ وَلَدٍ بهذا.

فصل: إذا باعَ المُشْتَرِى المَبِيعَ الفاسِدَ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه باعَ مِلْكَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، وعلى المُشْتَرِى رَدُّه على البائِعِ الأَوَّلِ؛ لأنَّه مالِكٌ، ولِبائِعِه أخْذُه حيثُ وُجِدَ،


(٢٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>