كلُّه له؛ نِصْفُه بالطَّلاقِ، ونصفُه بالخُلْعِ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِيرَ له ثلاثةُ أرْباعِه؛ لأنَّه إذا خالَعَها بنِصْفِه، مع عِلْمِه أَنَّ النِّصْفَ يَسْقُطُ عنه، صار مُخالِعًا بنِصْفِ النِّصْفِ الذى يَبْقَى لها، فيَصِيرُ له النِّصْفُ بالطَّلاقِ، والرُّبْعُ بالخُلْعِ. وإن خالَعها بمثلِ نِصْفِ الصَّداقِ فى ذِمَّتِها، صَحَّ، وسَقَطَ جميعُ الصداقِ، نِصْفُه بالطلاقِ، ونصفُه بالمُقَاصَّةِ بما فى ذِمَّتِها له من عِوَضِ الخُلْعِ. ولو قالتْ له: اخْلَعْنِى بما تُسَلِّمُ لى من صَداقِى. ففَعَلَ، صَحَّ، وبَرِئَ من جميعِ الصَّداقِ. وكذلك إن قالت: اخْلَعْنِى على أن لا تَبِعةَ عليكَ فى المَهْرِ. صَحَّ، وسَقَطَ جميعُه عنه. وإن خالَعَتْه بمثلِ جميعِ الصَّداقِ فى ذِمَّتِها، صَحَّ، ويَرْجِعُ عليها بنِصْفِه؛ لأنَّه يَسْقُطُ نصفُه بالمُقاصَّةِ بالنِّصْفِ الذى لها عليه، ويَسْقُطُ عنه النِّصْفُ بالطلاق، يَبْقَى لها عليها النِّصْفُ. وإن خالَعَتْه بصَداقِها كلِّه، فكذلك، فى أحَدِ الوَجْهَيْنِ. وفى الآخَرِ، لا يَرْجِعُ عليها بشىءٍ؛ لأنَّه لمَّا خالَعها به، مع عِلْمِه بسُقُوطِ نِصْفِه بالطَّلاقِ، كان مُخالِعًا لها بنِصْفِه، ويَسْقُطُ عنه بالطلاقِ نِصْفُه، ولا يَبْقَى لها شىءٌ.
فصل: وإذا أَبْرأتِ المُفَوّضةُ من المَهْرِ، صَحَّ قبلَ الدُّخولِ وبعدَه، وسواءٌ فى ذلك مُفَوّضةُ البُضْعِ ومُفَوّضةُ المهرِ. وكذلك مَنْ سُمِّىَ لها مَهْرٌ فاسِدٌ، كالخمرِ والمجهولِ؛ لأنَّ المهرَ واجبٌ فى هذه المواضِعِ، وإنَّما جُهِلَ قَدْرُه، والبراءةُ من المجهولِ صحيحةٌ؛ لأنَّها إسْقاطٌ، فصَحَّتْ فى المجهولِ كالطَّلاقِ. وقال الشافعىُّ: لا تَصِحُّ البراءةُ فى شىءٍ من هذا؛ لأنَّ المُفَوّضةَ لم يجبْ لها مهرٌ، فلا يَصِحُّ الإبراءُ ممَّا لم يجبْ، وغيرُها مَهْرُها مجهولٌ، والبراءةُ من المجهولِ لا تَصِحُّ، إلَّا أن تقولَ: أبْرَأتُكَ من دِرْهمٍ إلى ألفٍ. فيَبْرَأُ من مَهْرِها إذا كان دُونَ الأَلْفِ. وقد دَلَّلْنا على وُجوبِه فيما مَضَى، فيَصِحُّ الإِبراءُ منه، كما لو قالت: أبرأتُكَ من دِرْهَمٍ إلى ألْفٍ. وإذا أبرأتِ المُفَوّضةُ، ثم طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخولِ، فإن قُلْنا: لا يَرْجِعُ إلى المُسَمَّى لها. لم يَرْجِعْ ههُنا، وإن قُلْنا: يَرْجِعُ ثَمَّ. احْتَمَل أن لا يَرْجِعَ ههُنا؛ لأنَّ المهرَ كلَّه سَقَطَ بالطلاقِ، ووَجبتِ المُتْعةُ بالطلاقِ ابتداءً. ويَحْتَمِلُ أن يَرْجِعَ؛ لأنَّه عاد إليه مَهْرُها بسَببٍ غيرِ الطَّلاقِ. وبِكَمْ يَرْجِعُ؟ يَحْتَملُ أن