للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَلِّها، وهو غيرُ معلومِ المِقْدارِ، فلا تُمْكِنُ المُساواةُ فيه، فلا يجبُ القِصاصُ فيه.

١٤٨٨ - مسألة؛ قال: (وَفِى الْمَشَامِّ الدِّيَةُ)

يَعْنى الشَّمَّ، في إتْلافِه الدِّيَةُ؛ لأنَّه حَاسَّةٌ، تَخْتَصُّ بمَنْفَعَتِه (١)، فكانَ فيها الدِّيَةُ، كسائرِ الحَواسِّ. ولا نَعْلمُ في هذا خِلافًا. قال القاضي: في كتاب عمرِو بن حَزْمٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قالَ: "وَفِى الْمَشَامِّ الدِّيَةُ" (٢). فإن ادَّعَى ذَهابَ شَمِّه، اغْتَفَلْناه بالرَّوائحِ الطَّيِّبةِ أو المُنْتِنَةِ (٣)، فإنْ هَشَّ للطَّيِّبِ، وتنَكَّرَ للمُنْتِنِ، فالقولُ قولُ الجانِي مع يَمينِه، وإنْ لم يَبِنْ منه ذلك، فالقولُ قوُل المَجْنِىِّ عليه، كَقْولِنا (٤) في اخْتلافِهم في السَّمْعِ. وإن ادَّعَى المَجْنِىُّ عليه نَقْصَ شَمِّه، فالقولُ قولُه مع يَمِينه؛ لأنَّه لا يُتَوَصَّلُ إلى معرفةِ ذلك إلَّا من جِهَتِه، فقُبِلَ قولُه فيه، كما يُقْبَلُ قولُ المرأةِ في انْقضاءِ عِدَّتِها بالأقْراءِ، ويجبُ له من الدِّيَةِ ما تُخرِجُه الحُكومةُ. وإنْ ذهبَ شَمُّهُ ثم عادَ قبلَ أخْذِ الدِّيَةِ، سقطَتْ، وإن كان بعدَ أخْذِها، رَدَّها؛ لأنَّا تبيَّنَّا أنَّه لم يكُنْ ذهبَ. وإن رُجِىَ عَوْدُ شَمِّه إلى مُدَّةٍ، انتُظِرَ إليها. وإنْ ذهبَ شَمُّه مِن أحَدِ مَنْخَرَيْهِ، ففيه نصْفُ الدِّيَةِ، كما لو ذَهَبَ بصَرُه من إحْدَى عَيْنَيه.

فصل: وفى الأنْفِ الدِّيَةُ إذا (٥) قُطِعَ مارِنُه، بغيْرِ خِلافٍ بينهم. حكَاهُ ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ المُنْذِرِ عَمَّن يَحْفَظُ (٦) عنه من أهلِ العلمِ. وفى كتاب عمرو بن حَزْمٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "وَفِى الأنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعًا الدِّيَةُ" (٢). وفي رِوايةِ مالكٍ، في


(١) في ب، م: "بمنفعة".
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(٣) في م: "والمنتنة".
(٤) في م: "كقولهم".
(٥) في م زيادة: "كان".
(٦) في الأصل، ب: "يحفظه".

<<  <  ج: ص:  >  >>