للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المُوَطَّإِ": "إِذَا أُوعِىَ جَدْعًا". يعني به (٧): استُوعِبَ واستُؤْصِلَ، ولأنَّه عُضوٌ فيه جَمالٌ ومَنْفَعةٌ، ليس في البدَنِ منه إلَّا شيءٌ واحدٌ، فكانتْ فيه الدِّيَةُ، كاللسانِ، وإنَّما الدِّيةُ في مَارِنهِ، وهو ما لَانَ منه. هكذا قال الخليلُ وغيرُه؛ لأنَّه يُرْوَى عن طاوُسٍ، أنَّه قال: كانَ (٨) في كتاب رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وفِي الأَنْفِ، إذَا أُوعِبَ مَارِنُهُ جَدْعًا الدِّيَةُ" (٩). ولأنَّ الذي يُقْطَعُ فيه ذلك، فانْصَرفَ الخبرُ إليه. فإنْ قُطِعَ بَعضُهُ، ففيه بقَدْرِه من الدِّيَةِ، يُمْسَحُ ويُعْرَفُ قَدْرُ ذلك منه، كما قُلْنا في الأُذُنَيْنِ (١٠). رُوى هذا عن عُمرَ بنِ عبد العزيز، والشَّعْبِىِّ، والشَّافعىِّ. وإن قُطِعَ أحدُ المَنْخَريْنِ، ففيه ثُلثُ الدِّيَةِ، وفى المَنْخَرين ثُلُثاها، وفى الحاجزِ بينهما الثُّلثُ: قال أحمدُ: في الوَتَرَةِ (١١) الثُّلُثُ، [وفى الْخَرَمةِ] (١٢) في كلِّ واحدٍ منهما (١٣) الثُّلُثُ. وبهذا قال إسحاقُ. وهو أحدُ الوَجْهَينِ لأَصحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّ المارِنَ يشْتمِلُ على ثلاثةِ أشياءَ من جِنْسٍ، فتَوزَّعتِ الدِّيةُ على عَدَدِها، كسائرِ ما فيه عَدَدٌ من جِنْسٍ، من اليَدَيْن، والأصابعِ، والأجْفان الأرْبعةِ. وحكى أبو الخَطَّابِ وَجْهًا آخَر، أنَّ (١٤) في المَنْخَريْن الدِّيَةَ، وفى الحاجِزِ بينهما حُكومةٌ؛ لقَوْلِ أحمدَ: في كلِّ زَوْجَيْن من الإِنْسانِ الدِّيَةُ. وهذا الوَجْهُ الثاني لأصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّ المَنْخَريْن ليس في البدَنِ لهما ثالثٌ، فأشْبَها اليَديْنِ؛ ولأنَّه بقَطْعِ المَنْخَريْن أذْهبَ الجمالَ كُلَّه، والمنفعةَ، فأشْبَهَ قَطْعَ اليَدَيْنِ. فعلى هذا الوجْهِ، في قَطْعِ أحدِ المَنْخَرَيْنِ نصْفُ الدِّيَةِ، وإن قَطَعَ معه الحاجِزَ، ففيه حُكومةٌ، وإن قطعَ


(٧) في م: "إذا".
(٨) سقط من: ب.
(٩) أخرجه البيهقي، في: باب دية الأنف، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٨٨. وعبد الرزاق، في: باب الأنف، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٣٣٩.
(١٠) في م زيادة: "وقد".
(١١) الوترة؛ بالتحريك: حجاب ما بين المنخرين.
(١٢) سقط من: الأصل. وفي م: "وفى الحرمة". والخرمة: موضع الخرم من الأنف.
(١٣) في الأصل: "منها".
(١٤) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>