للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مائةٌ، وأصْدَقَها مائَتَيْنِ، لا مالَ له سِوَاهُما، وهما مَهْرُ مِثْلِها: يَصِحُّ العِتْقُ والصَّدَاقُ والنِّكاحُ؛ لأنَّ المائتَيْنِ صَدَاقُ مِثْلِها، وتَزْوِيجُ المَرِيضِ بمَهْرِ المِثْلِ صَحِيحٌ نافِذٌ. وهذا غيرُ جَيِّدٍ؛ فإنَّ ذلك يُفْضِى إلى نُفُوذِ العِتْقِ في المَرَضِ من جميعِ المالِ، ولا أعْلَمُ به قائلًا. ولو أنَّه أتْلَفَ المائَتَيْنِ، أو أصْدَقَهُما لِامرَأةٍ أجْنَبِيّةٍ، وماتَ، ولم يَخْلُفْ شيئا، لَبَطَلَ عِتْقُ ثُلُثَىِ الأمَةِ، فإذا أخَذَتْهُما هي، كان أوْلَى في بُطْلَانِه. والصَّحِيحُ ما ذَكَرْنا إن شاءَ اللهُ تعالى. وقال أبو حنيفةَ فيما إذا تَرَكَ مِثْلَىْ قِيمَتِها، وكان مَهْرُها نِصْفَ قِيمَتِها: تُعْطى مَهْرَها وثُلُثَ الباقِى، بحَسَبِ ذلك من قِيمَتِها، وهو نِصْفُها وثُلُثُها، فيَعْتِقُ ذلك، وتَسْعَى في سُدُسِها الباقِى، ويَبْطُلُ نِكَاحُها. فأمَّا إن خَلَفَ أرْبَعةَ أمْثالِ قِيمَتِها، صَحَّ عِتْقُها ونِكَاحُها وصَدَاقُها، في قولِ الجميعِ؛ لأنَّ ذلك يَخْرُجُ من الثُّلُثِ، وتَرِثُ من الباقِى في قولِ أصْحابِنا، وهو قول أبى حنيفةَ. وقال الشافعيُّ: لا تَرِثُ. وهو مُقْتَضَى قولِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّها لو وَرِثَتْ لَكان عِتْقُها وَصِيّةً لِوَارِثٍ، واعْتِبَارُ الوَصِيَّةِ بالمَوْتِ.

فصل: ولو أنَّ امْرَأةً مَرِيضَةً أعْتَقَتْ عَبْدًا قِيمَتُه عَشرَةٌ، وتَزَوَّجَها بعَشرَةٍ في ذِمَّتِه، ثم ماتَتْ، وخَلفَتْ مائةً. اقْتَضَى قولُ أصْحابِنا أن تُضَمَّ العَشرَةُ التي في ذِمَّتِه إلى المائةِ، فيكونَ ذلك هو التَّرِكَةَ، ويَرِثَ نِصْفَ ذلك ويَبْقَى لِلوَرَثةِ خَمْسةٌ وخَمْسُونَ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ. وقال صاحِبَاه: تُحْسَبُ عليه قِيمَتُه أيضًا، وتُضَمُّ إلى التَّرِكَةِ، ويَبْقَى لِلوَرَثةِ سِتُّونَ. وقال الشافعِىُّ: لا يَرِثُ شَيْئًا، وعليه أداءُ العَشَرَةِ التي في ذِمَّتِه؛ لئلَّا يكونَ إعْتَاقُه وَصِيَّةً لِوَارِثٍ. وهذا مُقْتَضَى قولِ الخِرَقِىِّ، إن شاء اللهُ تعالى.

فصل: ولو تَزَوَّجَ المَرِيضُ امْرَأةً صَدَاقُ مِثْلِها خَمْسَةٌ، فأصْدَقَها عَشرَةً لا يَمْلِكُ غيرَها، ثم ماتَ، ووَرِثَتْه، بَطَلَتِ المُحاباةُ؛ لأنَّها وَصيَّةٌ لِوَارِثٍ، ولها صَدَاقُها ورُبْعُ الباقِى بالمِيرَاثِ. وإن ماتَتْ قبلَه، صَحَّتِ المُحاباةُ، ويَدْخُلُها الدَّوْرُ، فنقولُ: لها مَهْرُها وهو خَمْسَةٌ، وشىءٌ بالمُحاباةِ يَبْقَى لِوَرَثةِ الزَّوجِ خَمْسَةُ الأشياءِ، ثم رجَع إليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>