للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافعىِّ عن أحمدَ. وهو مذهبُ أبى حنيفة؛ لأنَّهما عِبادتانِ مِن جِنْسينِ، فوَجَبَ تعْيينُ النِّيَّةِ لهما، كما لو وَجَبَ عليه صومٌ مِن قضاءٍ ونَذْرٍ، فعلى هذا لو كانتْ عليه كفَّارةٌ واحدةٌ، لا يُعْلَمُ سَبَبُها، فَكَفَّرَ كفَّارةً واحدةً، أجْزَأه، على الوَجْهِ الأوَّلِ. قالَه أبو بكرٍ. وعلى الوجهِ الثَّانى، يَنبغى أَنْ يَلْزَمَه التَّكْفيرُ بعَدَدِ أسبابِ الكفَّاراتِ، كُلُّ واحدةٍ عن سَبَبٍ، كمَنْ نَسِىَ صلاةً مِن يوم لا يَعلمُ عينَها، فإنَّه يَلْزَمُه خمسُ صلواتٍ، ولو علمَ أَنَّ عليه صومَ يومٍ، لا يَعلمُ أمِن قضاءٍ هو، أو نَذْرٍ، لَزِمَه صومُ يَوْمَيْنِ. فإنْ كان عليه صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ، لا يَدْرِى أهى مِن كفَّارةِ يَمينٍ، أو قضاءٍ، أو نذرٍ، لَزِمَه صومُ تِسْعةِ أيّامٍ، كُلُّ ثلاثةٍ عن واحدةٍ مِن الجِهاتِ الثّلاثِ.

فصل: وإذا كانتْ على رَجُلٍ كفَّارتانِ، فأعْتَقَ عنهما عَبْدَيْنِ، لم يَخْلُ مِن أربعةِ أحوالٍ؛ أحدها، أَنْ يَقُولَ: أعْتَقْتُ هذا عن هذه الكفَّارةِ، وهذا عن هذه. فيُجْزِئُه، إجماعًا. الثانى، أن يقولَ: أعتقتُ هذا عن إحْدَى الكفَّارتَيْنِ، وهذا عن الأُخْرَى. مِن غيرِ تَعيينٍ، فينْظَرُ؛ فإنْ كانا مِن جِنْسٍ واحدٍ، ككَفَّارَتَىْ ظِهارٍ، أو كفّارَتَىْ قَتْلٍ، أجْزَأه. وإِنْ كانَا (١٣) مِن جِنْسَيْنِ، ككفَّارةِ ظهارٍ، وكفّارةِ قَتْلٍ، خُرِّجَ على الوَجْهَيْنِ فى اشْتِراطِ تَعْيِينِ السَّبَبِ؛ إنْ قُلْنا: يُشْتَرَطُ. لم يُجْزِئْه واحدٌ منهما. وإِنْ قُلْنا: لا يُشْتَرَطُ. أجْزَأهُ عنهما. الثّالثُ، أَنْ يَقُولَ: أعْتَقْتُهما عن الكفَّارتينِ. فإنْ كانتا مِن جِنْسٍ واحدٍ (١٤) أجْزَأَ عنهما، ويَقَعُ كُلُّ واحدٍ عن كفَّارةٍ؛ لأنَّ (١٥) عُرْفَ الشَّرْعِ والاسْتعمالِ إعتاقُ الرَّقَبَةِ عن الكفّارةِ، فإذا أطْلَقَ ذلك، وَجَبَ حَمْلُه عليه، وإِنْ كانتا مِن جنسينِ، خُرِّجَ على الوَجْهَيْنِ. الرَّابعُ، أَنْ يَعْتِقَ كُلَّ واحدةٍ عنهما جميعًا، فيَكونَ مُعْتِقًا عن كُلِّ واحدةٍ مِن الكفَّارتينِ نِصْفَ العَبْدَيْنِ، فيَنْبَنِى ذلك على أصلٍ آخَرَ، وهو إذا أعْتَقَ نصفَ رقبتَيْنِ عن كفَّارةٍ، هل يُجْزِئُه أو لا؟ فعلى قوْلِ الْخِرَقِىِّ يُجْزِئُه؛ لأنَّ


(١٣) فى م: "كانتا".
(١٤) سقط من: الأصل، ب.
(١٥) فى م: "ولأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>