للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِها، لم تَنْفَسِخ الإِجارَةُ؛ لأنَّ المَنْفَعةَ المَعْقُودَ عليها لم تَزُلْ بالكُلِّيةِ، فأشْبَهَ ما (١٢) لو تَعَيَّبَتْ، ولِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الفَسْخِ، على ما ذَكَرْنا، إلَّا في الدَّارِ إذا انْهَدَمَتْ، فإنَّ فيها وَجْهَيْنِ؛ أحدَهما، لا تَنْفَسِخُ الإِجَارةُ. والثانى، تَنْفَسِخُ؛ لأنَّه زالَ اسْمُها بِهَدْمِها، وذَهَبَتِ المَنْفَعةُ التي تُقْصَدُ منها، ولذلك لا يَسْتَأْجِرُ أحدٌ عَرْصَةَ دارٍ لِيَسْكُنَها. فأمَّا إن كان الحادِثُ في العَيْنِ لا يَضُرُّها، كغَرَقِ الأرْضِ بماءٍ يَنْحَسِرُ في قُربِ (١٣) الزَّمانِ، لا يَمْنَعُ الزَّرْعَ، ولا يَضُرُّه، وانْقِطَاعِ الماءِ عنها إذا سَاقَ المُؤْجِرُ إليها ماءً (١٢) من مكانٍ آخر، أو كان انْقِطاعُه في زَمَنٍ لا يَحْتاجُ إليه فيه، فليس لِلْمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ؛ لأنَّ هذا ليس بِعَيْبٍ. وإن حَدَثَ الغَرَقُ المُضِرُّ، أو انْقِطاعُ الماءِ، [أو انْهَدَمَ بعضُ] (١٤) العَيْنِ المُسْتَأْجَرَةِ فلذلك البعضِ حُكْمُ نَفْسِه في الفَسْخِ أو ثُبُوتِ الخِيَارِ، ولِلْمُكْتَرِى الخِيَارُ في تَبْقِيَةِ (١٥) العَيْنِ؛ لأنَّ الصَّفْقةَ تَبَعَّضَتْ عليه. فإن اخْتَار الإِمْساكَ، أمْسَكَ بالحِصَّةِ من الأجْرِ، كما إذا تَلِفَ أحدُ القَفِيزَيْنِ من الطَّعَامِ في يَدِ البائِعِ.

فصل: القسم الثالث، أن تُغْصَبَ العَيْنُ المُسْتَأْجَرَةُ، فلِلْمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ؛ لأنَّ فيه تَأْخِيرَ حَقِّه، فإن فَسَخَ، فالحُكْمُ فيه كما لو انْفَسَخَ (١٦) العَقْدُ بِتَلَفِ العَيْنِ، سواءً، وإن لم يَفْسَخْ حتى انْقَضَتْ مُدّةُ الإِجَارَةِ، فله الخِيَارُ بين الفَسْخِ والرُّجُوعِ بالمُسَمَّى، وبين البَقَاءِ على العَقْدِ ومُطَالَبةِ الغاصِبِ بأجْرِ المِثْلِ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه لم يَفُتْ مُطْلَقًا، بل إلى بَدَلٍ، وهو القِيمَةُ، فأشْبَه ما لو أتْلَفَ الثّمرةَ المَبِيعةَ آدَمِىٌّ قبلَ قَطْعِها، ويَتَخَرّجُ انْفِساخُ العَقْدِ بكلِّ حالٍ، على الرِّوَايةِ التي تقول: إنَّ مَنَافِعَ الغَصْبِ


(١٢) سقط من: م.
(١٣) في ب، م زيادة: "من".
(١٤) في الأصل: "والهدم ببعض".
(١٥) في الأصل: "بقية".
(١٦) في الأصل: "فسخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>