للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جازَ؛ لأنَّه مَأْذُونٌ فيه عُرْفًا. وإن خَالَفَهُ (٣٥) في الصِّفَةِ، أو اشْتَرَاهُ بأَكْثَرَ منها، لم يَلْزَم المُوَكِّلَ. وإن قال: اشْتَرِ لي عَبْدًا بمائةٍ فاشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِى مائةً بدونها، جازَ؛ لأنَّه لو اشْتَراهُ بمائةٍ جازَ، فإذا اشْتَرَاهُ بِدُونِها فقد زَادَهُ خَيْرًا، فيَجُوزُ. وإن كان لا يُسَاوِى مائةً، لم يَجُزْ، وإن كان يُسَاوِى أكْثَرَ ممَّا اشْتَرَاهُ به؛ لأنَّه خَالَفَ أمْرَهُ، ولم يُحَصِّلْ غَرَضَه.

فصل: وإن وَكَّلَهُ في شِرَاءِ شاةٍ بدِينَارٍ، فاشْتَرَى شاتَيْنِ تُسَاوِى كلُّ واحِدَةٍ منهما أقَلَّ من دِينَارٍ. لم يَقَعِ البَيْعُ (٣٦) لِلْمُوَكِّلِ. وإن كانت كلُّ واحِدَةٍ منهما تُسَاوِى دِينَارًا. أو إحْدَاهُما تُسَاوِى دِينَارًا والأُخْرَى أقَلَّ من دِينَارٍ، صَحَّ، ولَزِمَ المُوَكِّلَ. وهذا المَشْهُورُ من مذهبِ الشّافِعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ إحْدَى الشَّاتَيْنِ بِنِصْفِ دِينارٍ، والأُخْرَى لِلْوَكِيلِ؛ لأنَّه لم يَرْضَ إلَّا بإِلْزَامِه عُهْدَةَ شَاةٍ واحِدَةٍ. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعْطى عُرْوَةَ بن الجَعْدِ دِينَارًا، فقال: "اشْتَرِ لنا به شاةً". قال: فأَتَيْتُ الجَلَبَ، فَاشْتَرَيْتُ شاتَيْنِ بدِينَارٍ، فجِئْتُ أسُوقُهُما، أو أَقُودُهُما، فلَقِيَنِى رَجُلٌ بالطَّرِيقِ، فسَاوَمَنِى، فبِعْتُ منه شاةً بدِينَارٍ، فأَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالدِّينَارِ والشَّاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، هذا دِينَارُكُم، وهذه شَاتُكم. قال: "وَصَنَعْتَ كَيْفَ؟ " فحَدَّثْتُه الحَدِيثَ، قال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ في صَفْقَةِ يَمِينِه" (٣٧). ولأنَّه حَصَّلَ له المَأْذُونَ فيه وزِيَادَةً من جِنْسِه تَنْفَعُ ولا تَضُرُّ، فوَقَعَ ذلك له، كما لو قال (٣٨): بِعْهُ بِدِينارٍ. فباعَهُ بدِينَارَيْنِ، وما ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بِالبَيْعِ. فإن باعَ الوَكِيلُ إحْدَى الشَّاتَيْنِ بغيرِ أَمْرِ المُوَكِّلِ، ففيه وَجهْانِ؛ أحدُهما، البَيْعُ باطِلٌ؛ لأنَّه باعَ مالَ مُوَكِّلِه بغير أمْرِه (٣٩)، فلم يَجُزْ،


(٣٥) في أ: "خالف".
(٣٦) سقط من: م.
(٣٧) تقدم تخريجه في: ٦/ ٢٩٥.
(٣٨) في أ، م زيادة: "له".
(٣٩) في ب: "إذنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>